ذي الحجة من سنة إحدى وثلاثين ، أنفذ رسوله إلى زنكي ، وظفر سوار بسريّة وافرة العدد من عسكره ، فقتل وأسر ، ودخل بهم إلى حلب.
ووصل الرّسول إلى زنكي ، وهو متوجّه إلى القبلة فردّه ومعه هدية إلى ملك الروم : فهود وبزاة وصقور ، على يد الحاجب حسن ، فعاد إليه ومعه رسول منه وأخبره بأنّه يحاصر بلاد لاون ، فسار إلى حماة ، ورحل إلى حمص فقاتلها.
ثم سار في نصف المحرّم من سنة اثنتين وثلاثين فنزل بعلبك ، وأخذ منها مالا ، وسار إلى ناحية البقاع فملك حصن المجدل (١) من أيدي الدمشقيين ، ودخل في طاعته ابراهيم بن طرغت والي بانياس.
وشتى أتابك زنكي بأرض دمشق ، وورد عليه رسول الخليفة المقتفي والسلطان مسعود بالتّشريف ، ثمّ رحل أتابك عن دمشق في شهر ربيع الآخر ، وعاد إلى حماة ، ثمّ رحل عنها إلى حمص ، فخيّم عليها ، وجرّد من حلب رجالا لحصارها ، وجمع عليها جموعا كثيرة ، وهجم المدينة ، وكسر أهلها ونال منهم منالا عظيما.
ونقض الفرنج الهدنة الّتي كانت بينهم وبين زنكي على حلب ، وأظهروا العناد ، وقبضوا على التّجار بأنطاكية والسّفار من أهل حلب ، في جمادى الأولى من السّنة ، بعد إحسانه إليهم واصطناعه لمقدّميهم ، حين
__________________
(١) في تقويم البلدان ص ٢٣٠. وبالقرب من عين الجرضيعة تعرف بالمجدل وهي على الطريق الآخذ من بعلبك على وادي التيم. هذا وتعني كلمة مجدل : حصن.