أظفره الله بهم ، وانضافوا إلى ملك الرّوم كالياني.
وظهر ملك الرّوم بغتة من طريق مدينة البلاط ، يوم الخميس الكبير من صومهم ؛ ونزل يوم الأحد يوم عيد النّصارى ، وهو الحادي والعشرون من شهر رجب ، على حصن بزاعا.
وانتشرت الخيل بغتة فلطف الله بالمسلمين ، فرأوا رجلا من كافر ترك (١) ومعه جماعة منهم ، قد تاهوا عن عسكر الروم ، وأظهروا أنّهم مستأمنة وأنذروا من بحلب بالرّوم.
فتحزّر النّاس وتحفّظوا ، وكاتبوا أتابك زنكي بذلك ، فوصله الخبر وهو على حمص ، فسيّر في الحال الأمير سيف الدّين سوار والرّجالة الحلبّيين وخمسمائة فارس ، في أربعة من الأمراء الاصفهسلاريّة (٢) منهم زين الدّين علي كوچك ، فقويت قلوب أهل حلب بهم ، ووصلوا في سابع وعشرين من رجب.
وأمّا الرّوم فإنّهم حصروا حصن بزاعا ، وقاتلوه سبعة أيّام ، فضعفت قلوب المسلمين ، وكان الحصن في يد امرأة فسلّموه إلى الرّوم بالأمان ، بعد أن توثّقوا منهم بالعهود والأيمان ، فغدروا بهم ، وأسروا من بزاعا ستة آلاف مسلم أو يزيدون ؛ وأقام الملك بالوادي يدخّن على مغاير الباب عشرة أيّام ، فهلكوا بالدخان.
__________________
(١) استخدمت بيزنطة أعدادا كبيرة من العناصر التركية الوثنية بمثابة مرتزقة في جيوشها.
(٢) القادة الكبار.