ثم رحل فنزل يوم الأربعاء الخامس من شعبان ، بأرض الناعورة ، ثمّ رحل يوم الخميس سادس شعبان ، ومعه ريمند صاحب أنطاكية وابن جوسلين ، فنزل على حلب ونصب خيمته من قبليّها على نهر قويق ، وأرض السعدي ، وقاتل حلب يوم الثّلاثاء من ناحية برج الغنم (١) وخرج إليهم أحداث حلب ، فقاتلوهم وظهروا عليهم ، وقتل من الرّوم مقدّم كبير ورجعوا إلى خيمهم خائبين.
ورحل يوم الأربعاء ثامن شعبان مقتبلا إلى صلدي (٢) فخاف من بقلعة الأثارب من الجند المسلمين ، فهربوا منها يوم الخميس تاسع شعبان ، وطرحوا النّار في خزائنهم.
وعرف الرّوم ذلك فخفّت منهم سرّية وجماعة من الفرنج ، ومعهم سبي بزاعا والوادي ، فملكوا القلعة ، وألجأوا السّبي إلى خنادقها وأحواشها ، فهرب جماعة منهم إلى حلب ، وأعلموا الأمير سيف الدّين سوار بن أيتكين بذلك ، وأنّ الروم انعزلوا عنها.
فنهض إليهم سوار في لمّة من العسكر ، فصابحهم وقد انتشروا بعد طلوع الشّمس ، فوقع عليهم واستخلص السّبي جميعه إلّا اليسير منهم ، وأركب الضّعفاء منهم خلف الخيّالة حتّى أنّه أخذ بنفسه جماعة من الصّبيان ، وأركبهم بين يديه ومن خلفه ، ووصل بهم إلى حلب ، ولم يبق من السّبي إلّا
__________________
(١) كان هذا البرج من أشد أبراج سور حلب مناعة.
(٢) قرية قريبة من حلب على نهر قويق.