قائد عرب اليمن ، عندما اندلعت نيران الحرب بين الوهابيين واليمنيين (١). ويذكر الصايغ من جديد أبا نقطة ويزعم أنه قاد حملة على بر الشام ، وكان معه يومئذ عبد الله الهدّال ، كيخيا ابن سعود ، وذلك خلال ربيع أو صيف سنة ١٨١٣. وكان النصر أيضا حليف الدريعي. ويتحدث من جديد عن أبي نقطة عند زيارته الدرعية ، ويزعم أنه تناول معه طعام العشاء ، ولكنه لا يذكر تاريخ هذه الزيارة. وإذا تتبعنا سياق الحديث يتضح لنا أن ذهابه إلى عاصمة الوهابيين كان خلال ربيع أو صيف سنة ١٨١٤ ، بعد سفره إلى أطراف الهند واتحاد الشيخ الرّديني مع الدريعي. وفي الوقت نفسه يعلمنا أن خبر زحف القوات المصرية على المدينة بلغ ابن سعود عند نهاية هذه الزيارة. ومن المعلوم أن الجيش المصري احتل المدينة المنورة في شهر تشرين الثاني سنة ١٨١٢.
وبعد أن نجحت مساعي لاسكاريس ذهب إلى استنبول قاصدا فرنسا. ويستدل من سياق القصة أنه سافر في نهاية سنة ١٨١٤. ولكن الصايغ يخبرنا أنه علم هناك باندحار القوات الفرنسية في روسيا ، ثم تتابعت الأخبار المشؤومة وبلغه تراجع نابوليون وعودته مكسورا إلى باريس. ومن المعروف المشهور أن هذه الحوادث جرت في شتاء سنة ١٨١٣.
فيتضح من هذا النقد السريع أن الصايغ خبط بالتاريخ خبط عشواء ، وإذا أضفنا إلى ما تقدم مغامراته العديدة المزعومة ، والأخطار التي مرّ بها وكاد يذهب ضحيتها ، وحديثه عن أثواب الحيّات ، وهو أشبه بقصص ألف ليلة وليلة ، أصبح من اليقين لدينا أنه تساهل تساهلا شديدا بالأمور التاريخية ، وأن الناقد على حق إذا شك في صحة أقواله ، ونسب عددا منها إلى الخيال.
ولكن «لعل له عذرا وأنت تلوم». والواقع أن الصايغ كان يكتب يومياته على «ورقة طيارة» ، على حسب تعبيره ، وأن هي إلا مذكرة للشيخ إبراهيم تسهل عليه تسجيل الوقائع. وما أظن أن صاحبنا كان يفكر يوما بوضع كتاب عن رحلته ، لأنه كان لا يحسن اللغة العربية ، ولكنه احتفظ بمذكراته ، وعندما عرض
__________________
(١) عبد الرحيم عبد الرحمن عبد الرحيم ، الدولة السعودية الأولى ، ص ١٦٨ ، القاهرة ، ١٩٦٩ ؛ عبد الله فيلبي ، تاريخ نجد ، ص ١٢٤ ، المكتبة الأهلية ، بيروت (دون تاريخ).