بغداد الذي هو بقدر سلطان اسلامبول. قلت وكيف [كان] ذلك؟ قال : اعلم يا سيدي أن الدريعي نهب ذات يوم قفل بغداد ، وكان آتيا من دمشق. فاغتاظ الوزير من ذلك ولكنه لم ير على نفسه حتى يتم خيانة العثماني. فأرسل مكتوب أمان وراية مصحوبة بأقسام عظيمة إلى الدريعي أن يقوم وينزل إلى بغداد لأجل غرض ضروري وفيه خير له. فمن طبع العربان عدم الخيانة وقلبهم سليم ، فصدق [كلام الوزير] ونزل إلى بغداد بعشرة خيال فقط. فحين دخل على الوزير أمر بحبسه وتقييده بالجنزير هو والرجال الذين معه. وثاني يوم طلب منه ألفي جمل وخمسة آلاف رأس غنم وخمسين فرسا كحيلة وعشرين هجينا أو يقتله. فقال له الدريعي : على الرأس والعين (١) أدفع جميع المطلوب ، ولكن إذا أمرت ، فإن ابني يكون رهنا مكاني ، وأنا أخرج لأدبر المطلوب. فقبل الوزير ذلك وحالا أرسل الدريعي وأحضر ابنه سحن (٢) ، وطلع هو من السجن. وفي مدة خمسة أيام ورد جميع ما ذكرناه زائدا غير ناقص. فأطلق الوزير سحنا. فعندما رأى الدريعي ابنه عنده نهب أول قفل اتى من حلب إلى بغداد ، وابتدأ ٢ / ٤٥ يضرب وينهب ضيع وقرى بغداد ، / وزاد على ذلك حتى قطع السابلة على بغداد فتضايق الوزير من ذلك وابتدأ يعد مهمات توجيه الأرضي (٣) حتى يضرب الدريعي. فجمع العساكر والخيم والمدافع وكامل المهمات الواجبة ، وخرج من بغداد بأرضي [يضم] ثلاثين ألف مقاتل ، بكل نظام وتدبير ، وطقومه (٤) مثل أرضي همايون (٥). فحين بلغ ذلك إلى الدريعي تأخر عن بغداد نحو يومين وجمع عربانه وغير عشائر يقود عليهم (٦) فوصل الأرضي ونصب [خيامه] أمام أرضي الدريعي. وثاني يوم جرت حرب عظيمة وقتل جملة فرسان من الفريقين ، وثاني يوم كذلك وثالث يوم أيضا ، فلم يكسب أحد بل كانا متساويين بالقوة. ورابع يوم انسحب الدريعي ليلا مع كامل العربان والبيوت إلى قرب بغداد ليقطع الجلب عن الأرضي ، فظن الوزير أن الدريعي ولّى هاربا فسرّ وقال لقد ذهب وكفانا خيره وشره ، لأن الوزير كان خائفا من الكسرة. وأما الدريعي فإنه ركب تلك الليلة ذاتها ، واستصحب معه خمسة آلاف خيال من المجرمين بالحرب والقتال ، ومشى بهم ليلا وصبّح أرضي الوزير ، قبل بزوغ الفجر ، فقسم خيله
__________________
(١) «قوي مناسب».
(٢) كذا ، ولعله يريد صحن لأن من عادة الصائغ أن يبدل الصاد بالسين.
(٣) الجيش.
(٤) ألبسته النظامية.
(٥) أي جيش السلطان.
(٦) كذا ولعل الصائغ يريد أن الدريعي كان يقودهم.