لكنّ التوسّل بغير الله سبحانه ، والاستغاثة ، والاستشفاع ـ المعمولة عند المسلمين ، في جميع الأزمان ، بالنسبة إلى الأنبياء والأولياء ـ ليس بمعنى التشريك في أفعال الله تعالى.
بل الغرض أن يفعل الله فعله ويقضي الحاجة ببركتهم وشفاعتهم ، حيث إنّهم مقرّبون لديه ، مكرمون عنده ، ولا مانع من أن يكونوا سبباً ووسيلة لجريان فيضه.
هذا ، ومن المركوز في طباع البشر توسّلهم في حوائجهم التي يطلبونها من العظماء والملوك والأمراء إلى المخصوصين بحضرتهم ، ويرون هذا وسيلة لنجح حاجتهم ، وليس ذلك تشريكاً لذلك المخصوص مع ذاك الأمير أصلاً.
فلماذا يعزل أنبياء الله والأولياء من مثل ما يصنع بمخصوصي العظماء؟! إنْ هذا إلاّ اختلاق ، وقد قال الله عزّ وجلّ : ( من ذا الّذي يشفع عنده إلاّ بإذنه ) (٧٠) فاستثنى ، وقال سبحانه : ( لا يشفعون إلاّ لمن ارتضى ) (٧١).
وممّا ذكر ظهر أن قول القاضي : « ودعائها مع الله » يعني الضرائح ، افتراءٌ على المسلمين من جهتين :
الأولى : دعوى تشريك غير الله معه في الدعاء :
مع أنّهم لا يدعون إلاّ الله الواحد القّهار ، ويتوسّلون بأوليائه إليه.
__________________
(٧٠) سورة البقرة ٢ : ٢٥٥.
(٧١) سورة الأنبياء ٢١ : ٢٨.