وخربت قصور الجعفري ومنازله ومساكنه وأسواقه في أسرع مدة ، وصار موضعها موحشا لا أنيس فيه ولا سكن ، والديار بلاقع كأنها لم تعمّر ولم تسكن (١).
أهل السوق :
كان قوام السوق الحوانيت التي تعرض السلع المستوردة أو المصنّعة في سامرّاء والعاملين في ذلك. فتنظيم السوق وثيق الصلة بتنظيم أهلها والعاملين فيها. وأنشئت سامرّاء في منطقة سكانها قليلون. ولكن ، بالتعاون مع الجند الذين تقرّرت إقامتهم فيها صارت عملية تشييدها في غنى عن العمال غير الماهرين. ولابدّ أن استمرار نموّها أبقى الحاجة لهؤلاء العمال الذين استقر كثير منهم فيها وتحوّلوا من العمل في الأرض إلى العمل في المدينة ، ولعلهم كانوا أعظم من سمّاهم اليعقوبي «الناس» ونصّ على سكناهم في الشارع الأعظم ، وشارع أبي أحمد ، وشارع الحير ثم في الجعفرية وبالقرب من جامع المتوكل ، ومنع الأتراك من الاختلاط بهم.
ولابدّ أن هذه السوق الجديدة كانت تحتوي على أكثر أصناف السلع في السوق الأولى التي أقامها المعتصم ، وأن تشييد هذه السوق خفف الازدحام وآثاره في سوق المعتصم والتي من الأرجح أنها ظلت قائمة ، ولكن خفّ النشاط فيها ، كما أن كثيرا من الساكنين قربها من أهل الحرف نقلوا مساكنهم إلى أماكن قريبة من السوق الجديدة.
أسواق محلية :
قصد المعتصم من تخطيطه سامرّاء أن يجعلها مركزا واسعا ، ويقيم الأتراك في مراكز فرعية على مسافة من المركز ، وكان أبرز هذه المراكز الفرعية في المطيرة الواقعة في الأطراف الجنوبية الشرقية ، والكرخ الواقعة في الأطراف الشمالية الشرقية ، والحير في الجنوب.
__________________
(١) البلدان ٢٦٧.