تشمل السوق حوانيت لبيع السلع ، وربما لمعالجة بعضها. ولم تذكر في سلعها صناعات واسعة كالنسيج وغيره ، ويبدو أن أكثر الأعمال فيها تتصل ببيع المنتوجات وليس صناعتها ، ولم يرد ذكر صناعة تميزت بها سامرّاء أو كانت تصدّرها ، فسلعها استهلاكية تعتمد على ما تستورده من مواد أوّلية أو مصنوعات.
لم يذكر للتجّار في سامرّاء دور متميز ، ولعل تجّار بغداد كانت لهم الهيمنة على العمليات التجارية في سامرّاء ، وأن بغداد احتفظت بمركزها التجاري العالمي ، وجعلت من سامرّاء مركزا فرعيا تابعا لها ، ومما يؤيّد هذا أنه لم يرد ذكر للخانات والفنادق في سامرّاء التي كانت ترتبط ببغداد وبالموصل بالطريقين النهري والبري ، والآخر كان يسلك الجانب الشرقي من دجلة ، وفي هذا يقول اليعقوبي : «اتصلت العمارة والمنازل بين بغداد وسرّ من رأى في البر والبحر ، أعني في دجلة وجانبي دجلة» (١).
يقول اليعقوبي : «وبلغت غلّات سامرّاء ومستغلاتها وأسواقها عشرة آلاف ألف درهم في السنة» (٢) وهذا المبلغ قريب من نظيره في بغداد حيث كانت أجرة الأسواق ببغداد في الجانبين جميعا مع رحا البطريق وما اتصل بها في كل سنة اثني عشر ألف ألف درهم ، (٣) علما بأن جباية بغداد تدخل فيها موارد رحا البطريق ، وهي في الراجح احتفظت بالتجارة العالمية.
ولابدّ أن تنامي سامرّاء وتزايد السكان فيها أدّيا إلى ازدحام السكن وارتفاع الأسعار فامتدت العمارات فيها ، بعد أن كانت قطائع وهبتها الدولة. وكانت قطيعة الحسن بن سهل في آخر الأسواق وبين خشبة بابك والمطيرة ، وليس في ذلك الموضع يومئذ شيء من العمارات ، ثم أحدقت العمارة به حتى صارت قطيعة الحسن بن سهل وسط سرّ من رأى ، وامتد بناء الناس من كل ناحية واتصل البناء بالمطيرة (٤).
__________________
(١) البلدان ٢٤٥.
(٢) م. ن ٢٦٠.
(٣) م. ن ٣٥٤.
(٤) م. ن ٢٥٩.