وجرى أيضا توسّع في جهة الحير حيث كلما اجتمعت إلى إقطاعات لقوم هدم الحائط وبني خلف حائط غيره «واتسع الناس في البناء بسرّ من رأى أكثر من اتساعه في بغداد (١) وأصبح الجريب من الأرض كبيرا» (٢) ثم شيّد المتوكل جامعه الجديد وانتقل إلى أطرافه الناس ، فاتسعت على الناس المنازل والسوق واتسع أهل الأسواق والمهن والصناعات في تلك الحوانيت والأسواق التي في صفوف المسجد الجامع (٣). ولا ريب في أن امتداد رقعة السكن وسعة الأراضي يخففان من غلاء أسعارها ، كما أن النشاط الاقتصادي الذي ساد فيها بسبب تتابع الأعمال أمن موارد لحياة معاشية طيبة ، فلم يذكر حدوث موجات غلاء فيها.
الجانب الغربي وإعماره
وصف الإصطخري الجانب الغربي من دجلة فقال : وتكريت من غربها إلى أن تنتهي إلى الأنبار بين دجلة والفرات قليلة العمارة ، وإنما العمارة منها ما يحاذي سامرّاء أميالا يسيرة ، والباقي بادية (٤). ويقول : سامرّاء كلها في شرقي دجلة ، وليس منها في الجانب الشرقي كله ، وعمارتها وزروعها وأشجارها فيما يقابلها من غربي دجلة (٥). إن هذا الإعمار يرجع إلى انخفاض نسبي وانبساط في الأرض ، وأن تربتها ليست كلسية ، واعتمدت في زراعتها على نهر الإسحاقي الذي قال عنه سهراب : وأوله أسفل من تكريت بشيء يسير في غربي دجلة ، عليه ضياع وعمارات ، يمر بطيرهان ويجيء إلى قصر المعتصم المعروف بقصر الجص ، ويسقي الضياع التي هناك في غربي مدينة سرّ من رأى
__________________
(١) البلدان ٢٦٣.
(٢) م. ن ٢٣٤.
(٣) م. ن ٢٦٥ ـ ٦.
(٤) المسالك ٨٧.
(٥) المصدر نفسه ٨٥.