أما قصر الجص فإن ياقوت يذكر أنه قصر عظيم قرب سامرّاء بناه المعتصم للنزهة فوق الهاروني (١) ، وكان أحمد بن المعتصم يسكن قصر الجص (٢) ولعله بني له ، فقد ذكر سهراب ما يحدد موقعه حين قال إن نهر الإسحاقي أوله أسفل من تكريت ويجيء إلى الطيرهان ، ويصير إلى قصر المعتصم بالله المعروف بقصر الجص ويسقي الضياع هناك في غربي مدينة سرّ من رأى المعروفة الأولى والثانية والثالثة إلى السابعة ويصبّ في دجلة إزاء المطيرة (٣) ، وفي قصر الجص أقام مؤنس ، وفي خلال إقامته احترق سقف من سقوف القصر (٤) وعنده قتل عضد الدولة بختيار بن معز الدولة (٥) وفيه مات البتاني (٦).
ويذكر اليعقوبي أن المعتصم أنشأ في الجانب الشرقي العمارات والأجنة ، وحفر الأنهار وصيّر إلى كل قائد عمارة ناحية من النواحي حتى بلغت غلة العمارات بالنهر المعروف والأجنة والبساتين وخراج الزرع أربعمائة ألف دينار في السنة (٧). إن النص الأول يشير إلى أن الجانب الشرقي شيّدت فيه قصور للقواد ، وهو يذكر قصورا لم يشر إليها سهراب ، ولا بدّ أن (الإيتاخي) الذي ذكره هو غير الإيتاخية التي تقع في الجانب الشرقي على القاطول الكسروي ثم صارت تسمّى المحمدية.
ولا بدّ أن «العمري» في هذا النص هو غير القصر المسمى بالاسم نفسه والذي يقع في الجانب الشرقي ، ومن القصور الثلاثة الأولى التي بناها المعتصم. أما العبد الملكي ، فالراجح أنه منسوب إلى محمد بن عبد الملك الزيات. ويبقى التساؤل عن فخامة هذه القصور ، والمبرر لبناء المعتصم أكثر من قصر واحد ، وعلاقة ذلك بمن سكن كل قصر أو أقام فيه.
__________________
(١) معجم البلدان ٤ / ١١٠.
(٢) الأنساب لابن حزم ٢٥.
(٣) سهراب ١٢٧.
(٤) عريب : تكملة تاريخ الطبري ١٤٦٧ والكتاب نقل من الجزء الثالث لكتاب «الأوراق».
(٥) تجارب الأمم لمسكويه ٢ / ٣٨١ ، ياقوت ٤ / ١١١.
(٦) أخبار الحكماء ٢٣١.
(٧) البلدان لليعقوبي ٢٦٣.