أشرف على بناء الهاروني إبراهيم بن رباح (١) الملقب ب (الجوهري) وكان على الضياع (٢) ، ويبدو أنه كان يجني من عمله أرباحا فلما غضب الواثق على كتّابه وصادرهم كان منهم ابراهيم بن رباح ، فأخذ الواثق منه ومن كتابه مائة ألف دينار (٣) ، ولا بدّ أنه القصر الذي ذكر اليعقوبي في كلامه عن شارع السريجة الأعظم أنه يمتد إلى دار هارون بن المعتصم وهو الواثق ، عند دار العامة (٤).
وكان في الهاروني في بنائه الأول رواق أوسط وفي أحد شقّي ذلك الرواق قبة مرتفعة في السماء بيضاء ، وكأنها بيضة إلا قدر ذراع ، فيما ترى العين ، حولها في وسطها ساج منقوش مغشّى باللازورد والذهب ، وكانت تسمّى قبة المنطقة ، وكان ذلك الرواق يسمى رواق قبة المنطقة (٥).
وفي بنائه جعل له دكّتين : دكة غريبة ودكة شرقية ، وهي من أحسن القصور ، وكان على دجلة (٦) ، ويتردد في مصادر ذكر الهاروني دون تحديد بقصره أو الراجح أن أكثرها عن القصر الأول (٧).
ذكر المسعودي أن المتوكل يقال إنه أنفق على الهاروني والجوسق الجعفري أكثر من مائة ألف ألف (٨). فإن صح هذا الخبر فإنه يدل على أن المتوكل جدّد بناءه ، أو أضاف إليه.
لم تذكر المصادر أن الواثق بنى غير هذا القصر الذي يبدو أنه جعل فيه مقامه ، وقد دفن فيه (٩) وأقام فيه المتوكل أول ما ولّي الخلافة.
__________________
(١) الطبري ٣ / ١٣٣١.
(٢) المصدر نفسه ٣ / ١٤٤٠.
(٣) البلدان ٢٦١.
(٤) الطبري ٣ / ١٣٣٢.
(٥) تاريخ اليعقوبي ٣ / ٢٠٨ ، البلدان ٢٦٤.
(٦) مروج الذهب ٤ / ٤٠.
(٧) فتوح البلدان ٢٩٦ ، معجم البلدان ٣ / ١٧.
(٨) معجم البلدان ١٧ ، فتوح.
(٩) الطبري ٣ / ١٣٣١.