الفصل الثامن
قصور المتوكل ومنشآته
كان المتوكل أكثر الخلفاء العباسيين كلفا بالعمارة وبناء القصور ؛ فأما العمارة فإنه أدخل أو عمّم طراز البناء المعروف ب «الحيري ذي الكمين» ؛ وأوسع الإشارات العديدة في المصادر ما ذكره المسعودي في كتاب مروج الذهب إذ كان «أحدث المتوكل في أيامه بناء لم يكن الناس يعرفونه ، وهو المعروف بالحيري والكمين والأروقة».
«إن بعض ملوك الحيرة من النعمانية من بني نصر أحدث بنيانا من دار قراره ، وهي الحيرة ، على صورة الحرب وهيئتها للهجه بها وميله نحوها ؛ فكان الرواق فيه مجلس الملك وهو الصدر ، والكمان ميمنة وميسرة ، من يقرب منه من خواصه ، وفي اليمين منهما خزانة الكسوة ، وفي الشمال ما احتيج إليه من الشراب ، والرواق قد عم فضاؤه الصدر ، والكمين والأبواب الثلاثة على الرواق ، فسمّي هذا البنيان إلى هذا الوقت بالحيري والكمين ، إضافة إلى الحيرة ، واتبع الناس المتوكل في ذلك ائتماما بفعله ، واشتهر إلى هذه الغاية (١)». ولا نعلم مدى استعماله في أبنيته وقصوره ، وإنما نقتصر بالإشارة إلى أن هذا الطراز هو من تفاصيل عمارة القصور ، وليس في طراز قصور.
__________________
(١) مروج الذهب ٤ / ٤ ـ ٥ ؛ وانظر : اليعقوبي «مشاكلة الناس زمانهم» وذكر المسعودي أن المتوكل عمم لباس الملحمة وقال «إن الناس تابعوه في ذلك ، ومنها نوع فاخر يسمى «المتوكلية» هي نهاية في الحسن والصبغ وجودة الصنعة» ، مروج الذهب ٤ / ٣.