أما إبراهيم بن المهدي فكان قد نودي به خليفة عندما كان المأمون في خراسان ، ولكن لم تدم خلافته ، فلما قدم المأمون بغداد استتر إلى سنة ٢١٦ ، فقبض عليه المأمون ثم عفا عنه ، وقرّبه ، وكان يطرب لغنائه (١). ويبدو أنه لم يكف عن طموحاته ، فكان ممن طلب المأمون في كتابه لعبد الله بن طاهر في المحنة ، محاسبتهم لأنهم ممن أغرى الجمهور الأعظم والسواد الأكبر (٢).
يقول ابن الداية إن المعتصم عندما انتقل إلى سامرّاء لم يخرج معه من أهل بيته إلا العباس بن المأمون ، وعبد الوهاب بن علي (٣). فأما العباس فكان أبرز أولاد المأمون ، وقد أحدث استياء لديه تفضيل المأمون المعتصم عليه بالخلافة ، ولكنه احتفظ بولائه الظاهري للمعتصم ، ولكن المعتصم قتله في طريق عودته من عمروية سنة ٢٢٣ مع عدد من القادة لاتهامه بمؤامرة ؛ وأما عبد الوهاب بن علي فكانت له ولأختيه قطيعتان في شارع السريجة الذي كانت فيه قطائع راشد ومبارك للمغربين وقطيعة لكلّ من جعفر الخياط وأبي الوزير ، وقطائع لعامة الناس إلى دار هارون الواثق (٤).
إن خطط سامرّاء تظهر أن عددا من بارزي الأسرة العباسية انتقلوا معه ، فقد سمّي شارعان من الشوارع الخمسة الكبيرة التي خطها بأسماء رجال من الأسرة العباسية ، وهما شارع أبي أحمد ، وهو الشارع الثاني بعد السريجة ، الشارع الأعظم ، وشارع صالح العباسي وهو شارع الأسكر وكان الشارع الخامس.
وكانت في شارع أبي أحمد قطائع قواد خراسان وأسبابهم من العرب ومن أهل قم وأصفهان وقزوين والجبال وأذربيجان يمنة في الجنوب مما يلي القبلة ، فهو نافذ إلى شارع السريجة الأعظم ، أما شارع صالح العباسي ، وهو شارع الأسكر ، ففيه قطائع الأتراك والفراغنة ، ودار صالح على رأس الوادي ، وتتصل بذلك قطائع القواد والكتاب وأبي أحمد الذي سمّي الشارع الثاني باسمه هو ،
__________________
(١) بغداد لطيفور ـ ١٠٠ ؛ وانظر إبراهيم بن المهدي لبدري محمد فهد.
(٢) الطبري ٣ /
(٣) عيون الأنباء لابن أبي أصيبعة ٣٦.
(٤) البلدان لليعقوبي ١٦٧.