في الجانب الغربي يسّر العمل والربح للفلاحين وأهل الزرع في هذه المنطقة ، كما يسّر لعدد من المتنفذين الحصول على ضياع واسعة ، وأفسح ضعف الرقابة على كبار رجال الإدارة حصولهم على ثروات ضخمة من الدلائل عليها مبالغ المصادرات التي ذكرها الطبري لعدد من كبار رجال الإدارة ، فيذكر أن المتوكل في سنة ٢٣٣ غضب على عمر بن فرج وكتب في قبض ضياعه وأمواله ، ثم صولح على عشرة آلاف ألف درهم وأخذ من محمد بن عبد الملك الزيات ما قيمته تسعون ألف دينار ، واستخرج من إبراهيم بن الجنيد النصراني سبعين ألف دينار ومن أبي الوزير نحوا من ستين ألف دينار ، ومن سعدون بن علي أربعين ألف دينار ، ومن عبد الله وأحمد بن سعدون نيفا وثلاثين ألف دينار عدا الضياع (١) ، ولعل آخرين لم تصادر أموالهم جنوا أرباحا من استغلال مناصبهم بأساليب منوعة ، وبمقادير متباينة.
ففي شارع السريجة قطائع قواد خراسان : هاشم بن بانيجور ، وهاشم والحمد بن علي المأموني ، وهارون بن نعيم ، وحزام بن غالب ، ثم يتلوها اصطبلات دواب الخليفة وشارع أبي أحمد ، وهو الشارع الثاني الموازي لشارع السريجة الأعظم ، كانت قطائع للخراسانية وبعض كبار رجال الدولة ، ثم تتصل الإقطاعات في هذا الشارع ، وعلى الدروب إلى يمينه ويساره إلى قطيعة بغا الصغير ، ثم قطيعة بغا الكبير ، ثم قطيعة سيما الدمشقي ، ثم قطيعة وصيف القديمة ، ثم قطيعة إيتاخ ، ويتصل ذلك إلى باب البستان وقصور الخليفة ؛ وظاهر النص أن هذه القطائع كانت متصلة ببعضها.
ظلت أكثر هذه الإقطاعات ثابتة لأصحابها ، وربما توارثوها ورثتهم من بعدهم ، غير أن بعضها تبدل أصحابها ، فإسحاق بن إبراهيم كانت قطيعته في آخر وادي السريجة ، ثم انتقل من قطيعته في أيام المتوكل فبنى على رأس الوادي واتسع في البناء ، وكانت قطائع الأفشين في المطيرة.
__________________
(١) الطبري ٣ / ١٣٧٧.