من رأى ، ولا تشير المصادر المصرية إلى نقل المعتصم مقاتلة من مصر إلى العراق ، سوى ما ورد في مادة «الأفشين» في دائرة المعارف الإسلامية أن الأفشين هو الذي جلب المغاربة من مصر وضمّهم إلى جيش المعتصم ، علما بأن ولاية الأفشين على مصر انتهت سنة ٢١٨ أي قبل تحوّل المعتصم من بغداد ، ولم يكن للأفشين تقدير لهم (١).
وكان الخلفاء العباسيون الأوائل قد استخدموا في جيشهم وحدات من الأفارقة كان لها إسهام في الدفاع عن بغداد لمّا حاصرتها قوات المأمون في قتالها الأمين ، ولكن المصادر لم تذكر معلومات عن زمن بدء استخدامهم وتطور دورهم أو تركيبهم القبلي وأصوله ، علما بأن كلمة (أفريقية) التي نسب إليها هؤلاء المقاتلة يقصد بها في الغالب بلاد شمال أفريقيا ، وأن المصادر ميزت بين هؤلاء الأفارقة وبين السودان والعبيد ، كما أنها كانت تميز في كثير من الأحيان بينهم وبين من تسمّيهم «البربر».
يتضح من كلام المسعودي أن المعتصم هو الذي جلب هؤلاء المغاربة إلى سرّ من رأى ، وأنه أسكنهم فيها منذ أول تأسيسها. وذكر اليعقوبي أن المعتصم أسكنهم الشارع الذي على دجلة ويسمّى شارع الخليج ، وهناك الفرض ومرسى والسفن والتجارات التي ترد من بغداد وواسط وكسكر وسائر السواد من البصرة والأبلة والأهواز وما اتصل بذلك ، ومن الموصل وباعربابا وديار ربيعة وما اتصل بذلك ، وفي هذا الشارع قطائع المغاربة كلهم أو أكثرهم ، والموضع المعروف بالأزلاخ الذي عمر بالرجالة المغاربة في أول ما اختطّت سرّ من رأى (٢) ، وهذا الشارع مواز لدجلة ولا يخترق سامرّاء. ولما كان الجوسق الخاقاني يطل على دجلة ، فتكون قطائعهم بمحاذاة الجوسق ، ولعلها متصلة بقطائع لرجال من المغاربة في شارع السريجة ، وهو الشارع الأول ، ومن قطيعة راشد المغربي ، وقطيعة مبارك المغربي ، وسويقة مبارك ، وجبل جعفر الخياط
__________________
(١) الطبري ٣ / ١٣١٣.
(٢) البلدان ٢٦٧.