قوّى عزيمة المنتصر على قتل أبيه المتوكل وأكسبهم في زمنه مكانة لم تذكر المصادر آثارها.
ولما ولي المستعين الخلافة بذّر الأموال هو وأوتامش فاضطرب عطاء الجند. ويبدو أن الأتراك والفراغنة كانوا أكثر تأثّرا بهذا التبذير ، ولعل المستعين لم يقربهم فضعفت مكانتهم التي كانت لهم في زمن المنتصر ، واستغل ذلك وصيف وبغا ، فأغريا الموالي «فتذمرت الأتراك والفراغنة على أوتامش ، وخرج إليه ممّن تبقى من أهل الدور والكرخ فعسكروا وزحفوا إليه وهو في الجوسق» (١). ولا بدّ أن موقف المستعين دفع الفراغنة إلى تأييد المعتز الذي اصطنع المغاربة والفراغنة (٢) ، فلما انتقل المستعين إلى بغداد وتحصّن بها ساندوا المعتز الذي اعتمد عليهم وطلب من كلباتكين التحصن فيها فعسكر بالقاطول في خمسة آلاف من الأتراك والفراغنة وألفين من المغاربة (٣). ثم «وجه المعتز عسكرا من الأتراك والمغاربة والفراغنة ومن هم في عدادهم ، وعلى الأتراك والفراغنة الدرغمان الفرغاني ، وعلى المغاربة ريلة» (٤) ولا بدّ أن وضع القيادة لفرغاني يشير إلى كثرتهم العددية وإلى قوّتهم التي لم تحددها المصادر ، وإلى أن الفراغنة كانوا من أبرز قوات المعتز التي حاصرت بغداد ، (٥) وأنهم احتفظوا بمكانة متميزة في زمن خلافته ، ولما كتب المعتز إلى مزاحم يطلب الإسناد «أجابه الأتراك والفراغنة والمغاربة والشاكرية» (٦).
ولم يؤيد الفراغنة المهتدي وكان الذين ثاروا عليه معتمدين على رجال «ما بين تركي وخزري وفرغاني وغيرهم من علوج الأعاجم» (٧).
__________________
(١) الطبري ٣ / ١٥١٣ ، مروج الذهب ٤ / ٩١.
(٢) مروج الذهب ٤ / ٩١.
(٣) الطبري ٣ / ١٩٥٦.
(٤) م. ن ٣ / ١٥٦٢.
(٥) م. ن ٣ / ١٥٤١ ، ١٥٣.
(٦) م. ن ٣ / ١٦٦٩.
(٧) مروج الذهب ٣٤ / ٩٩.