بيعته ، فلما هاجم المشاغبون دار العامة ، وفيها المستعين شدّ عليهم المغاربة والأشروسنية ، ووافى واجن الأشروسني (١) ، وكان الموالي قد اجتمعوا إلى الهاروني «وفيهم بغا الصغير وبغا الكبير أوتامش ، فاستحلفوا قواد الأتراك والمغاربة والأشروسنية (٢)».
أيد الأشروسنية المستعين ، فلما قدم الحسن بن الأفشين بغداد ، خلع عليه المستعين وضم إليه من الأشروسنية وغيرهم جماعة كثيرة وزاد في أرزاقهم ستة عشر ألف درهم في كل سنة (٣). ويظهر هذا أن موقفهم يخالف الفراغنة والأتراك الذين أيدوا المعتز ، ولم تشر المصادر إلى مقدار أرزاقهم قبل ذلك ، أو مقدار ما يصيب الفرد من هذه الزيادة غير أنهم شاركوا فيما بعد الأتراك والفراغنة في الشغب وطلبوا أرزاقهم لأربعة أشهر (٤).
إن أبرز رجال الأشروسنية هم : الأفشين وواجن ، وتلقي سيرة الأفشين ضوءا على الأشروسنية ، وقد أجملت المقالة التي كتبها عنه بارتولد وجب في دائرة المعارف الإسلامية أصله ونشأته. فقد جاء في المقالة أن الأفشين لقب للأمراء من أهل أشروسنة التي تقع بين سمرقند وخجندة في المجرى الأدنى لنهر زرفشان ، وهي من بلاد الصغد ، وقد تمّ ضمها إلى بلاد الإسلام على يد الفضل بن يحيى البرمكي سنة ١٧٨ ، ثم في الحملة التي قادها أحمد بن أبي خالد سنة ٢٠٧ ، وانضم على أثرها الأمير خيدر الذي غلب عليه في الكتب العربية اسم الأفشين ، وولاه المعتصم ، إبّان إمارته على مصر في زمن المأمون على برقة ثم على مصر ، وقاد الجيوش الإسلامية التي قضت على تمرد بابك الخرّمي في أذربيجان سنة ٢٢٢ ، ثم شارك في حملة المعتصم على عمورية ثم اتهم باتصال مريب مع المازيار وأعدم في سنة ٢٢٦. لا بدّ أن موت الأفشين أثّر في مكانة الأشروسنيين ، ولكنهم ظلوا عنصرا من عناصر عسكر سامرّاء.
وكانت للحسن بن الأفشين مكانة في سامرّاء فتزوج ابنة أشناس في حفلة فخمة
__________________
(١) الطبري ٣ / ١٥٠٣.
(٢) م. ن ٣ / ١٥٠١.
(٣) م. ن ٣ / ١٥٥٥.
(٤) م. ن ٣ / ١٦٧٨.