ودخل بها في العمري قصر المعتصم (١) ، واحتفظ بمكانته في زمن المتوكل وحبس مدة قصيرة ثم خرج من السجن وساند المستعين في حصار بغداد ، وأوكل إليه الدفاع عن باب الشماسية (٢). أما واجن فقد نسبه الطبري لأشروسنيي الصغد مما يؤيد أن الأشروسنية كانوا متميزين عن الأتراك (٣). وكان من قواد الأفشين ينوب في دار أمير المؤمنين كما ينوب القواد ، وقد أرسل مددا لبغا الذي كان يحارب بني نمير «في سبعمائة رجل من الأشروسنية (٤) ، ولم يشارك في مقتل المتوكل (٥) ، ولكنه علم به ، وحضر بيعة المستعين (٦) ، وشارك في بيعة المهتدي (٧) ، وكان في الجيش الذي أرسله المعتز لحصار المستعين في بغداد.
ذكر اليعقوبي موقع قطائع الأشروسنية فقال : أقطع الأفشين خيدر بن كاوس الأشروسني في آخر البناء مشرقا على قدر فرسخين وسمّى الموضع المطيرة ، فأقطع أصحابه الأشروسنية وغيرهم المضمومين إليه حول داره ، وأمره أن يبني هناك سويقة فيها حوانيت للتجار فيما لا بدّ منه ومساجد وحمّامات (٨). وبناء السويقة لحوانيت التجار في هذه القطائع يجعلها مختلفة عن قطائع الأتراك الذين عزلهم ومنعهم من الاختلاط بالناس ، كما أن قوله إن المطيرة سكنها أيضا من (المضمومين إليه) من غير الأشروسنية يظهر أن الأشروسنية كانوا مختلطين مع غيرهم من البداية ، ولا بدّ أن هذا الاختلاط زاد بعد مقتل الأفشين حيث إن المعتصم أقطع وصيفا دار الأفشين بالمطيرة ، وانتقل وصيف من داره القديمة إلى دار الأفشين ، ولم يزل يسكنها وأصحابه (٩).
__________________
(١) الطبري ٣ / ١٣٠٣.
(٢) م. ن ٣ / ١٥٥٦.
(٣) م. ن ٣ / ١٣٦٢.
(٤) م. ن ٣ / ١٣٠٧.
(٥) م. ن ٣ / ١٤٧٢.
(٦) م. ن ٣ / ١٥٧٢.
(٧) م. ن ٣ / ١٥٧٢.
(٨) البلدان ٢٥٩.
(٩) المصدر نفسه ٢٦٤.