موضع سويقة للفاميين والقتّابين ومن اشتبههم ممن لا بدّ لهم منه. وبنى لهم في خلال الدور والقطائع المساجد والحمّامات ، وأمر أشناس أن يبني في المطيرة سويقة فيها حوانيت للتجار ، فيما لا بدّ منه ، ومساجد وحمّامات وليس في ذلك الموضع يومئذ شيء من العمار. (١)
وفي كلام اليعقوبي عن شارع برغامش ، وهو الشارع الرابع من شوارع سامرّاء الستة ذكر أن هذا الشارع فيه قطائع الأتراك والفراغنة ، فدروب الأتراك منفردة ودروب الفراغنة منفردة والأتراك في الدروب التي في القبلة ، والفراغنة بإزائهم بالدروب التي في ظهر القبلة ، كل درب بإزاء درب ، لا يخالطهم أحد من الناس (٢). وعند قطائعهم الخزر مما يلي المشرق ؛ وأول هذا الشارع من المطيرة عند إقطاع الأفشين.
وذكر أن الشارع الخامس يعرف بصالح العباسي ، وهو شارع الأسكر فيه قطائع الأتراك والفراغنة والأتراك أيضا في دروب منفردة ، والفراغنة في دروب منفردة ممتدة من المطيرة ، إلى دار صالح بن العباس التي على رأس الوادي. (٣) إن إفراد قطائع الأتراك عن قطائع الناس وعزلهم عن غيرهم يبرره تحاشي المعتصم تكرار ما حدث في بغداد من احتكاك يثير الناس. ومما ييسر ذلك أن الأتراك لهم لغة خاصة ، مما يبرر عزلهم عن غيرهم من الجند والعامة.
تظهر هذه النصوص أن المعتصم حرص على عدم اختلاط الأتراك بالمولدين ، وألا يتزاوجوا معهم ، وأفرد دروبهم حتى عن الفراغنة. وامتد عزلهم ، فيما ذكر اليعقوبي إلى التزاوج ، فقد «اشترى لهم الجواري فأزوجهم منهن ومنعهم أن يتزوجوا ويتصاهروا إلى أحد من المولدين إلى أن ينشأ لهم الولد ، ويتزوج بعضهن إلى بعض. وأجرى لجواري الأتراك أرزاقا قائمة وأثبت أسماءهن في الدواوين ، فلم يقدر أحد منهم أن يطلّق امرأته ولا يفارقها». (٤)
__________________
(١) البلدان ٢٥٥.
(٢) م. ن ٢٦٢.
(٣) م. ن ٢٥٩.
(٤) م. ن ٢٥٩.