بناتكم فأمرت بتصييرهن في عداد المتزوجات ، وهن نحو من أربعة آلاف امراة في المدركين والمولودين ، وكل هذا قد أجبتكم إليه ، وأدررت لكم الأرزاق حتى سبكت لكم آنية الذهب والفضة ، ومنعت نفسي لذّتها وشهوتها ، كل ذلك إرادة لصلاحكم ورضاكم ، وانتم تزدادون بغيا وفسادا وتهددا وإبعادا». (١)
إن هذا النص يذكر «الأتراك» إطلاقا ، فكأنه يشير إلى كافتهم ، وليس إلى جماعة محدودة منهم ، علما بأنهم كانوا جماعات منازلهم متفرقة ، ولهم قواد متعددون. وهو يذكر أن أولأدهم «نحو من ألف غلام وبناتهم نحو من أربعة آلاف ومن هذا لن يكون عدد رجالهم أكثر من ستة آلاف ، وهي النسبة التي تقرب مما كان عليه العيالات في البصرة والكوفة في أوائل زمن الأمويين.
ويذكر النص أنه أدرّ لهم «الأرزاق» ولم يذكر مقدارها ولكنه يشير إلى أن بيت المال لم يتوافر فيه ما يسدّ رزقهم.
ويتصل بهذا ما رواه الطبري في حوادث سنة ٢٥٦ ، وهي غير بعيدة عن زمن خلافة المستعين ، فيقول : «تحرك الموالي بالكرخ والدور ، ووجّهوا إلى المهتدي رجلا وشكوا سوء حالهم وتأخّر أرزاقهم ، وما صار من الإقطاعات إلى قوادهم التي قد أجحفت بالضياع والخراج ، وما صار لكبرائهم من المعاون والزيادات من الرسوم القديمة ، مع أرزاق النساء والدّخلاء الذين قد استغرقوا أكثر أموال الخراج» (٢) ، ويقول : «ولما تجمّعوا في دار أشناس قال لهم المهتدي : اكتبوا عن القواد وخلفائهم بالكرخ والدور وسامرّاء». ووعد أن «تعاد رسومهم إلى ما كانت عليه أيام المستعين بالله ، وهو أن يكون على كل تسعة منهم عريف ، وعلى كل خمسين خليفة ، وعلى كل مائة قائد ؛ وأن تسقط النساء والزيادات والمعاون ، ولا يدخل مولى في قبالة ولا غيرها ؛ وأن يوضع لهم العطاء في كل شهرين على ما لم يزل ، وأن تبطل الإقطاعات ، وأن يكون أمير المؤمنين يزيد من شاء ويرفع من شاء». (٣)
__________________
(١) الطبري ٣ / ١٥٤٤.
(٢) م. ن ٣ / ١٧٩٦.
(٣) م. ن ٣ / ١٧٩٩.