يظهر أول هذا النص أنه ينحصر بالموالي ، غير أن المحتجين من «الكرخ والدور» قد يدل على أنه يشمل الأتراك الذين لم يكونوا راضين عن المهتدي : وتظهر شكواهم سوء حالهم وتأخر أرزاقهم والمغانم الكثيرة التي صارت إلى قوادهم وأجحفت بالضياع والخراج والزيادات التي صارت لكبرائهم وأرزاق النساء والدخلاء مما استنفد أكثر أموال الخراج ، وأن المهتدي وعدهم بأن يعاد تطبيق النظام الذي كان معمولا به في زمن المستعين ، وهو أن يوضع لهم العطاء في كل شهرين ، وأن تسقط النساء والزيادات والمعاون ، وتبطل الإقطاعات ، ولا يدخل مولى في قبالة ، ووعد أن يثبت التنظيم الذي كان في زمن المستعين ، وهو أن يكون على كل تسعة عريف وعلى كل خمسين خليفة وعلى كل مائة قائد ، وأن هذا النظام مقبول عندهم. وأن يكون اختيار من يقوم بهذا التنظيم بيد الخليفة ؛ وهذا ما كان يرضيهم.
غير أنهم «وصفوا أن لا يقنعهم إلا أن ينفذ إليهم خمس توقيعات : توقيعا بخط الزيادات وتوقيعا بردّ الإقطاعات ، وتوقيعا بإخراج الموالي البوابين من الخاصة إلى الأعداد البرانيين ، وتوقيعا بردّ الرسوم إلى ما كانت عليه أيام المستعين ، وتوقيعا بردّ التلاجىء حتى يدفعوها إلى رجل يضمّون إليه خمسين رجلا من أهل الدور ، وخمسين رجلا من أهل سامرّاء ينتجزون من الدواوين .. وطالبوا تعجيل العطاء وإدرار أرزاقهم عليهم في كل شهرين». (١)
وقالوا عن المهتدي : «إن وعدكم أن يعطيكم أرزاق ستة أشهر فنحن عبيده». (٢) ثم تحرك ساكنو الكرخ بسامرّاء والدور يطلبون أرزاقهم ، وكان موسى ابن بغا وضع العطاء في عسكره لشهر. ثم «وجه المهتدي إلى الفراغنة والمغاربة والأوكشية والأتراك الذين بايعوه على الدرهمين والسويق». (٣)
يظهر هذا النص أنهم طالبوا بخمس توقيعات مستقلة تتضمن حذف الزيادة
__________________
(١) الطبري ٣ / ١٨٠١.
(٢) م. ن ٣ / ١٨٠٣.
(٣) م. ن ٣ / ١٨١٤.