الفصل الثالث
المعتصم والجيش
المعتصم نشأته وحياته الأولى
ولد المعتصم ، واسمه محمد وكنيته أبو إسحاق ، في قصر الخلد ببغداد سنة ١٧٨. أو في بداية سنة ١٨٠ ، وأمه صفدية مولّدة من أهل الكوفة اسمها ماردة (١) ولم يذكر أحد أنها تركية أو أنها ربّيت في ما وراء النهر ، ولا علاقة لها بالترك الذين قدم بعضهم إلى بغداد.
لم يكن المعتصم أكبر أولاد أبيه هارون الرشيد ، ولا أقربهم لأبيه ، فلم يسمّه الرشيد لولاية العهد التي سمّى لها ثلاثة من أولاده هم : الأمين والمأمون والقاسم. ويبدو أن الرشيد لم يظهر عناية خاصة بتربيته فلم يذكر له مؤدب ولم تعرف له صلة وثيقة بأهل الأدب والفكر ، ولم ترو عنه أقوال مأثورة. والراجح أنه كان في حياته ميالا إلى الرياضة والفروسية وما يتصل بالحياة العسكرية (٢).
لم يرد للمعتصم ذكر في حوادث النزاع بين الأمين والمأمون ، مما يدل على أنه اعتزلها شأن معظم رجال الأسرة العباسية المقيمين في بغداد. ولما بايع أهل بغداد إبراهيم بن المهدي بالخلافة كان المعتصم مقيما في بغداد ، ويبدو أنه أيد إبراهيم الذي أرسله للقضاء على تمرد في أطراف بغداد (٣).
__________________
(١) الطبري ٣ / ١٣٢٩ ، وانظر بعض أوجه حكم المعتصم العثمان سيد أحمد إسماعيل.
(٢) انظر البداية والنهاية لابن كثير ١ / ٢٩٥.
(٣) تاريخ اليعقوبي ٣ / ١٩١.