وتكون موالية له ؛ وكان الأفضل أن تكون هذه القوة من عناصر مترابطة في أصولها وسماتها. وقد أشارت المصادر إلى الكتل التي كان يمكن أن يجعلها المأمون قوام جيشه وهي : العرب والخراسانية والترك. وروى طيفور أن المأمون اجتمع مع المعتصم وأحد القواد ، وتداولها الشجعان من القواد والجند والموالي ، فأطرى المأمون شجاعة عجم أهل خراسان وقوّتهم في دحر أعداء الدولة ، وأطرى القائد شجاعة أبناء خراسان ، وأطرى المعتصم شجاعة الترك وإقدامهم ؛ ثم حكّموا نصر بن شبث فأبدى رأيه في خصائص هذه المجموعات الثلاث وقال : فأما التركي ، فبسهامه ، فإذا أنفذها أخذ باليد ؛ وأما العجمي ، فبسيفه ، فإذا كلّ استؤصل ، وأما الأبناء فلم أر مثلهم : لا يكلّون ولا يملّون ولا ينهزمون ، يقاتلون في شدة البرد في الإزر الخلق بلا دروع ولا جوشن ولا مجنّ ، مرة بالسيف ومرة بالرماح ومرة بالسهام ، ويخوضون الثلج في الأنهار ، ويخوضون في الهجير النار ، لا يكلّون ولا يملّون (١) ، ولابدّ أنه قصد بالعجم أهل خراسان منهم.
وذكر الجاحظ في رسالته «مناقب الأتراك» عمّن زعم أن جند الخلافة اليوم خراساني وتركي ومولى وعرب (٢) ، وأن الخراساني والتركي أخوان والحيز واحد (٣) ، وأن البنوي خراساني ، وأنّ نسب الأبناء نسب آبائهم ، ثم ذكر ما يفخر به الخراسانيون بأنهم النقباء وأبناء الدعوة ، ومنهم النجباء والدعاة ، فيهم أصل الدولة وأصحاب الدعوة ، وهم الذين قاموا بفتح البلاد (٤) ، وذكر أن البنويين خراسانيون (٥) ، وهم مهيمنون على بغداد ، فهم يشاركون العربي في فخره ، والخراساني في مجده ، ولكنهم متميزون عنهما بأساليبهم الخاصة التي يسّرت لهم هيمنة الخلافة على بغداد (٦).
__________________
(١) تاريخ بغداد لطيفور ٢٨.
(٢) مناقب الأتراك للجاحظ ١٦٧.
(٣) م. ن ١٦٨.
(٤) م. ن ١٧١.
(٥) م. ن.
(٦) م. ن ١٨٨.