واحدة فحسب لأهل الكوفة ، في حين أنه وزّع قطائع كثيرة سمّيت بأهلها من مدن خراسان وما وراء النهر ؛ ولا توجد إشارة الى أن أيّا من الخلفاء العباسيين الأوائل ضرب عليهم البعث ، استخدم مقاتلة منهم لإخماد الثوارت أو القتال في الجبهات.
وفي سنة ٢١٦ قطع المعتصم إبّان ولايته على مصر عن أهلها العطاء والرزق (١) ؛ ولا بدّ أن دافعه راجع إلى إداركه أن أهل الفسطاط لم يعودوا يقومون بواجب القتال. ونقل المعتصم من مصر «المغاربة» ، وهم مقاتلة يمانيون ، إلى العراق ، فكوّنوا مجموعة متميزة من المقاتلة فيها ، ثم نقلهم إلى سامرّاء عندما شيدها وأوطنهم قرب قصره ، وسنذكر في مكان تال مكانتهم في سامرّاء.
مكوّنات الجيش
الخراسانيون
أدركت الدولة من وقت مبكّر حاجتها إلى مقاتلين من غير العرب ينضمّون إلى جيوشها ، فمنذ زمن الخليفة عمر ضمّت الجيوش الإسلامية إليها الأساورة والسيابجة والزطّ في البصرة ، وحمراء الدليم في الكوفة والفرس ، ثم الروم في الفسطاط ، ثم قوات غير عربية في بلاد الشام. وكوّن كلّ من هؤلاء وحدات متميزة في الجيش ، واستقرت في الأمصار بخطط خاصة بها. ولا شك في أن رابطة الدين والمصلحة وحبّ القتال كانت كلها عوامل أدت إلى قيامهم بخدمات مخلصة في الجيش لم تذكر الأخبار ظهور شكوك حولها ، ومما عزّز ذلك أن أكثر الأعاجم كانوا من الأقاليم الشرقية التي فقدت ملوكها السابقين ومن يؤيدهم ، وبقي فيها من الرؤساء من قبل حكم العرب ورضي به. ولهذا كان الروم الذين انضموا إلى المسلمين قلة لأن دولة الروم ظلت قائمة وكان بإمكان محبّيها من المقاتلة اللجوء إليها.
__________________
(١) «الولاة» للكندي ١٩٣.