الخراسانيون في جيش العباسيين :
كان الخراسانيون عماد الجيش الذي استند إليه العباسيون في ثورتهم وانتزاعهم الخلافة من الأمويين ، وقد استقر كثير منهم في بغداد بعد تأسيسها (١) ، ونقلت أعداد كبيرة منهم في زمن أبي جعفر المنصور ومحمد المهدي وهارون الرشيد إلى الثغور الشمالية في أطراف بلاد الشام والجزيرة لتعزيز القوات الإسلامية التي تحمي حدودها وتصد غارات الروم وتقوم بغزوهم ، كما نقلت أعداد منهم إلى بلاد المغرب لتثبيت سلطان الخلافة العباسية في تلك البلاد.
وأساس الجيش الخراساني هو القوات العربية التي نقلت من البصرة والكوفة وأوطنت مع عيالاتها لتقوم بحماية الحدود وتوسيع الدولة في أواسط آسيا ، وكان قوامها في أوائل زمن الخلافة الأموية خمسين ألف مقاتل مع عيالاتهم وكانوا مقسّمين إلى أخماس ، على غرار تقسيم أهل البصرة ، وهذه الأخماس هي تميم ، وبكر ، والأزد ، وعبد قيس ، وأهل الحجاز ، وكانت تضاف إليهم في بعض الأحوال قوات جديدة تعوّض عن خسائرهم من القتلى ، ثم أضيفت إليهم في زمن خلافة هشام بن عبد الملك قوات من مقاتلة أهل الشام.
وكانت مرو مركز الإدارة والديوان ، وفيها مقام الوالي ومعظم المقاتلة العرب ، غير أن متطلبات الإدارة قضت بأن تتوزع إقامة العرب في أماكن متعددة أبرزها نيسابور ، وطوس ، وهراة ، ومرو الروذ ، وبلخ ، إضافة إلى عدد من القرى في أطراف هذه المدن. ومع أن العرب احتفظوا في تسمياتهم بالعشائر التي ينتسبون إليها ، إلا أنهم على مر الأيام صاروا ينتسبون أيضا إلى المدن التي كانوا يقيمون فيها (٢).
أضيفت إلى المقاتلة العرب أعداد غير قليلة من المقاتلة من أبناء خراسان وبلاد ما وراء النهر ، وكانوا ينسبون إلى أقوامهم الأصلية أو مدنهم ، وحدث بينهم وبين العرب اختلاط واسع ، فلبس كثير من العرب أزياء أهل البلاد وتعلّم
__________________
(١) انظر تفاصيل أوفى من كتبنا «بغداد مدينة السلام».
(٢) المصدر نفسه.