سياسي ، ولا بدّ أنه كانت بين حكام هذه المدن مناقشات ومشاحنات أضعفتهم سياسيا (١).
تعرضت بلاد السغد لعدد قليل من غزوات الساسانين الذين استقرت حدودهم عند نهر جيحون ، وقلما تجاوزوه (٢). ولما قامت الدولة الإسلامية اتّبعت منذ بدء تكوّنها سياسة التوسع التي مكّنتها من القضاء على الدولة الساسانية ، ومدت توسعها إلى الهضبة الإيرانية حتى وصلت جيوشها في زمن الخلفاء الراشدين إلى خراسان فضمت إلى دولتها البلاد كافة ، الواقعة غربي نهر جيحون.
وتابع الأمويون سياسة التوسع ، وكان عماد قوّتهم العسكرية العرب ؛ ونظرا لبعد هذه البلاد عن قلب الدولة الإسلامية ، فقد نقلوا منذ أوائل خلافة معاوية مقاتلة من العرب يقيمون دائما في خراسان ، ويقومون بمهمة حماية حدود الدولة وتوسيعها ، غير أن الحروب الكثيرة التي خاضها هؤلاء المقاتلة تطلّبت إمدادهم بمقاتلة جدد للتعويض عمّا تفقده من القتلى والجرحى ، (٣) إضافة إلى أن كثيرا من الجيل الجديد من المقاتلة العرب لم يحتفظوا بنفس الروح العسكرية والتدريب الذي كان لآبائهم ، وضعف شعورهم بأهمية التوسع ، وسرت فيهم بعض الخلافات القبلية التي زادت من إضعافهم.
وقد استنفدت الجزيرة العربية طاقتها في تزويد الجيوش الإسلامية بالمقاتلة.
وكان لا بدّ من البحث عن مصادر أخرى غير جزيرة العرب ، لمدّ الجيوش الإسلامية بالمقاتلة ؛ وعالجت الدولة هذا الوضع ففرضوا على ما يفتحونه من
__________________
(١) بارتولد ، انظر كتاب «تركستان حتى الفتح المغولي» لبارتولد. ترجمة صلاح الدين عثمان.
(٢) كرستنسن انظر تفاصيل في كتاب «إيران في عهد الساسانيين» لكرستنسن. ترجمة يحيى الخشاب.
(٣) انظر كتابنا «امتداد العرب في صدر الإسلام».