الأقاليم تقديم الرقيق المقاتلة كجزء مما يفرض عليهم وقد طبّق هذا ، من زمن مبكر ، فيروي أبو عبيدة أن عبد الله بن عامر عندما فتح مرو صالح أهلها على وصائف ووصفاء ودواب ومتاع ، ولم يكن عند القوم يومئذ عين ، وكان الخراج على ذلك حتى ولي يزيد بن معاوية فصيّره مالا (١). ويروي البلاذري أن سعيد ابن عثمان أخذ رهنا خمسة عشر من أبناء ملوكها (سمرقند) ويقال أربعين ، ويقال ثمانين ، وأخذهم معه ليعملوا في مزارعه ، وشدّد عليهم في العمل ، فاعتدوا عليه وقتلوه (٢). ولعل أمثال هؤلاء كوّنوا «رقيق الخمس» الذي يتردد ذكره في كتب التاريخ والفقه (٣).
ويبدو أن العرب تابعوا أخذ الرقيق من هذه البلاد كضريبة مفروضة عليهم ، فيذكر أبو الوزير عمر بن المطرف في قائمة الجبايات التي أعدها للرشيد عند توليه الخلافة أن مما فرض على خراسان ألفي راس (٤) ، ويذكر ابن خرداذبة أن ما ضمّ إلى عبد الله بن طاهر من السبي الغزية قيمته ستمائة ألف درهم (٥) ، ويذكر قدامة بن جعفر أن هذه الوظيفة قررت سنة ٢٢١ (٦) ، ولكنه يدمج مقدارها مع ضرائب أخرى. إن هذين النصّين اللذين وصلانا يظهران أن جباية الوصائف كانت وضيعة ثابتة مقررة ، ولا نعلم متى أعيدت بعد زمن يزيد بن معاوية ، كما لا نعلم استمرارها. ويبين هذان النصان أحد مصادر الرقيق في بغداد وإن كان الأرجح أن معظمهم كانوا يستخدمون في الأغراض المدنية ، وقليل منهم كان يستخدم في الجيش.
وكان للحرب بين الأمين والمأمون أثر كبير على الدولة ، إذ أدت إلى تشتت الجيش العباسي الذي كان يقيم في بغداد ويعتمد عليه الخلفاء العباسيون في
__________________
(١) فتوح البلدان ٤٠٥.
(٢) المصدر نفسه ٤١٢.
(٣) انظر «التنظيمات الاجتماعية والاقتصادية في البصرة».
(٤) الوزراء والكتاب ٢٨٣.
(٥) المسالك والممالك ٣٧ ، ٣٩ ؛ وانظر «الوزراء» لابن شاذان ١٧١.
(٦) كتاب الخراج ٢٤٣.