ذكر ابن خرداذبة الأبعاد بين هذه المواضع في وصفه الطريق بين بغداد والموصل فقال «من بغداد إلى البردان أربعة فراسخ ثم باحمشا ثلاثة فراسخ ثم إلى القادسية سبعة فراسخ ثم إلى سر من رأى ثلاثة فراسخ ثم إلى الكرخ فرسخان (١).
اختيار الموقع
تنسب بعض الروايات سبب اختيار المعتصم للرقعة التي أنشأ عليها سامرّاء إلى تنبؤ راهب ، فيروي اليعقوبي أن المعتصم ارتاد موقع سامرّاء «فقال له بعض الرهبان نجد في كتبنا المتقدمة أن هذا الموضع يسمى سرّ من رأى وأنه كان مدينة سام بن نوح ، وأنه سيعمّر بعد على يد ملك جليل عظيم مظفر منصور له أصحاب كأن وجوههم وجوه طير الفلاة ينزلها وينزلون فيها» «ويذكر أيضا أن الرشيد تنبأ للمعتصم ببناء المدينة» (٢).
رقعة أرض سامرّاء
تقع سامرّاء في رقعة من الأرض تتيح مجال الاستيطان فيها ، وقد درس العرب قدم تاريخ الاستيطان فيها وأرجعوا اشتقاق اسمها من اسم سام بن نوح ، والواقع أنه ورد في عدد من النقوش البابلية المكتشفة ذكر «سمارو» التي يرجّح أن سامرّاء مشتق منها (٣).
لا تذكر المصادر معلومات وافية عن أحوالها في العصر الساساني سوى أن بقربها القاطول الكسروي الذي تدل تسميته على أنه يرجع إلى ذلك العهد ، وأن الساسانيين عملوا على إعمار المنطقة بحفر ذلك النهر أو تجديده.
لم يرد اسم سامرّاء في أخبار الحوادث زمن الراشدين والأمويين ، وذكر
__________________
(١) المسالك ٩٣ ، الخراج لقدامة ٢١٤.
(٢) البلدان ٢٥٧.
(٣) انظر كتاب «الامبراطورية الفارسية» لهرزفيل.