سامرّاء ، ويذكر اليعقوبي أن المعتصم انتقل من باحمشا إلى المطيرة فأقام بها مدة ، ثم مدّ إلى القاطول فقال هذا أصلح المواضع ، فصيّر النهر المعروف بالقاطول وسط المدينة ويكون البناء على دجلة وعلى القاطول ، فابتدأ بالبناء ، وأقطع القواد والكتّاب والناس ، فبنوا حتى ارتفع البناء ، واختطت الأسواق على القاطول وعلى دجلة.
وسكن هو في بعض ما بني له ، وسكن بعض الناس أيضا ثم قال إن أرض القاطول غير طائلة ، وإنما هي حصى وأفهار ، والبناء بها صعب جدا وليس لأرضها سعة (١). ويتبين من هذا النص أن المعتصم شيد مدينة عند القاطول ، ولعل هذه المدينة لم تكن بعيدة عن المطيرة ، واختلطت بها عند توسع المطيرة ، فأغفلت المصادر ذكرها ، ولم يحدد اليعقوبي أي قاطول نزل المعتصم : الكسروي القديم أم أبا الجند الذي احتفره هارون الرشيد.
وأبرز ما في المطيرة قصر الأفشين وكان عند إنشاء سامرّاء آخر البناء مشرقا على قدر فرسخين ، وقد تردد ذكر هذا القصر ، ولم تذكر المصادر هل كان هذا القصر من بناء المعتصم قبل نزول سامرّاء أم أن الأفشين بناه بعد بناء سامرّاء ، ويذكر اليعقوبي أن الأفشين أقطع أصحابه الأشروسنية وغيرهم من المضمومين إليه حول داره وأمره أن يبني فيما هناك سويقة فيها حوانيت للتجار فيما لابدّ منه ومساجد وحمّامات (٢).
ولما قتل الأفشين أقطع المعتصم «وصيفا دار الأفشين التي بالمطيرة ، وانتقل وصيف عن داره القديمة إلى دار الأفشين ، ولم يزل ينزلها ، وكان أصحابه ورجاله حوله (٣)».
من المعالم البارزة في أطراف المطيرة خشبة بابك الذي وصلته أبنية سامرّاء (٤) فكأنه كان في حدود إعمارها ، وهو جبل في آخر الأسواق ، وبقربه
__________________
(١) البلدان ٢٥٦.
(٢) م. ن ٢٥٩.
(٣) م. ن ٢٦٤.
(٤) م. ن ٢٦٠.