ينفذ من شارع إلى آخر ، ومن المحتمل أنها أو بعضها كانت مستقيمة فهي بذلك بها شبه من تنظيم المدن الإغريقية التي تشبه الشطرنج (١).
نص الطبري على أن المعتصم لم يكن يميل إلى الزخرفة ، مما يدل على أن هذه الشوارع كانت بسيطة في مظهرها ليس فيها طاقات أو أقواس تزينها أو أبواب تحصرها ولم تكن مسرحا لحوادث. وكان المحور الأساس في سامرّاء قصور الخليفة وكبار رجال الدولة من العسكريين خاصة وبصرف النظر عمن كان يعيش في داخل القصر ، فإن كل قصر كانت حوله مساكن الجند والمرتبطين بالقائد.
طراز التخطيط :
كانت رقعة أرض سامرّاء محصورة في الغرب بدجلة الذي يجري في واد منخفض يحمي المدينة من أخطار الفيضان التي لم يذكر التاريخ تعرّضها للأخطار ، وكانت مفتوحة في جهاتها الأخرى وليس فيها عوارض مائية أو طبيعية عدا واديين ذكرنا هما وكانت تنتهي إلى أحدهما الشوارع.
لم يبن أي من الخلفاء سورا حول سامرّاء ، ويرجع ذلك إلى أن الخلفاء فيها لم يقدّروا أخطار حصار يهددها ، بل حتى قصور الخلفاء لم تكن محاطة بأسوار حصينة للدفاع بوجه قوات تحاصرها ، ولعلهم كانوا يدركون ولاء القوات العسكرية لهم ، إضافة إلى تنوع أصولهم ، وانعدام رابطة تجمعهم سوى الولاء للإسلام والخليفة ، وفيما عدا ذلك فقد احتفظوا بتكتلاتهم العسكرية القائمة على أصول عرقية وما يرتبط بها. ويذكر اليعقوبي أن المعتصم تعمّد عزل الأتراك ، ولم يذكر هو أو أي مؤرخ آخر قيامه بمثل هذا العمل مع الكتل العسكرية الأخرى.
__________________
(١) انظر في ذلك «المدينة على مر العصور» للويس ممفورد.