الرخام ، فأقيمت باللاذقية وغيرها دور صناعة الرخام (١)» ، ولابدّ أن هذا بعض وليس كل ما يحتاجه تشييد هذه المدينة من مواد وأن كثيرا منها تم استيراده من مناطق وجودها كالأخشاب اللينة في المناطق الجبلية شمال العراق ، ومعادن الحديد والنحاس ومصنوعاتها. ولابدّ أن استمرار نموّ سامرّاء جعل استيراد هذه المواد مستمرا ليتابع نموّها الذي يمكن القول بأنه استمر إلى آخر زمن المتوكل وقد أسهم في نشاط التجارة والعمل وفي ما يطلبانه من عمال وصنّاع.
وامتد الاستيراد إلى الغروس والمزروعات فحمل النخل من بغداد والبصرة وسائر السواد وحملت الغروس من الجزيرة والشام والجبل والري وخراسان وسائر البلدان (٢) ، ولم تذكر المصادر أنواع هذه الغروسات التي لابدّ أن كثيرا منها من نباتات الزينة والنباتات الطبية ، وأنها زوّدت القصور بهذه النباتات.
الصناع :
يذكر اليعقوبي أن المعتصم «كتب في أشخاص الفعلة والبنائين وأهل المهن من الحدادين والنجارين وسائر الصناعات» ، ويذكر أيضا أنه أقدم من كل بلد من يعمل عملا من الأعمال أو يعالج مهنة من مهن العمارة والزرع والنخل وهندسة الماء ووزنه واستنباطه والعلم بمواضعه من الأرض. وحمل من مصر من يعمل القراطيس وغيرها. وحمل من البصرة من يعمل الزجاج والخزف والحصر ، وحمل من الكوفة من يعمل الخزف ومن يعمل الأدهان ومن سائر البلدان من أهل كل مهنة وصناعة فأنزلوها في هذه المواضع ، وأقطعوا فيها ، وجعل لهم هناك أسواقا لأهل المهن بالمدينة (٣).
اشتهرت كلّ من المدن الثلاث التي ذكرها اليعقوبي ، وهي مصر والكوفة والبصرة ، بإنتاج سلع عرفت بها ، فجلب صنّاع الخزف من البصرة والكوفة ، ولعل منتوجات أخرى جلب صنّاعها من أكثر من مدينة ، ولابدّ أنه حرص على
__________________
(١) البلدان ٢٥٨.
(٢) م. ن ٢٦٣.
(٣) م. ن ٢٦٤.