(٦)
عواقب الطاعون السياسية ـ سخط الباب العالي على الباشا ـ القبوجيون والفرامين ـ قتل صادق أفندي بأمر من الباشا ـ تخوّف الباشا ـ تعيين علي باشا لبغداد ـ محاصرة المدينة ـ الباشا يسلّم نفسه ـ تسليم المدينة بطريقة الخيانة ـ ارسال داود إلى استانبول ـ الإجراءات التي اتخذها علي باشا ـ قتل المماليك الكرج ـ طبيعة حكومة علي باشا.
لم تكن عواقب الوباء السياسية أقل أهمية من تأثيراته المهلكة على السكان ، ومن الممكن أن يقال إنها كانت شيئا قاضيا على پاشوية بغداد. فقد ذكرت قبل هذا أن داود باشا قد أصيب بكراهية الباب العالي له. لأن روحية الاستقلال الخطرة والتشامخ اللذين كان يبديهما قد أيقظا في السلطان الخشية والحسد منذ أمد طويل ، فحملاه على أن يعتزم القضاء على داود عند سنوح أول فرصة مناسبة لذلك. لكن الذنب المباشر الذي أثار السخط عليه في هذا الوقت بالذات لم يكن سوى قتل الموظف الملكي الذي كان قد أوفد من الباب العالي بمهمة رسمية إلى الباشا. ولا ينكر أن الغرض من هذه المهمة كان تدميره هو ـ وربما موته ، لكن العمل الذي اقترفه كان شيئا لا يقل عن القتل والخيانة إزاء سيده السلطان. لأن الأصول الرسمية في تركيا كانت تقضي أن يقابل الرسول ، الذي يبعث به جلالته لتقديم الخلعة أو تدبير القتل ، بنفس الاحترام والتقدير وكان من واجبات الوظيفة كذلك أن يحني الموظف رأسه بنفس المقدار من التقبل في كلتا الحالتين.
على أن هذا الإتقان للخضوع لا يمكن أن يتم ما لم يكن للرئيس الأعلى القدم المعلى في السلطة ، ولا بد أن ينقطع حينما تكون سلطته قد تضاءلت وقل شأنها. وهذا ما حدث بالذات للسلاطين في هذه الأيام التي اختلت فيها