(٨)
زيارة الباشا ـ مظهره وأخلاقه ـ دهاليز الاغتيال ـ الكهية وضباطه ـ صخب الخدم ومطالبتهم بالبخشيش ـ شره الباشا وتشبثه بقلب المعادن إلى ذهب ـ تجربة ناجحة ـ الدراويش ـ طبقاتهم الثلاث ـ دراويش التكايا ـ الدراويش المتوطنون ـ والمتسولون ـ قصة مأمون المصطفى ـ زيارة للدراويش ـ حيلهم وادعاءاتهم ـ زيارة للشيخ عبد القادر ـ النقيب ـ التربة والجامع ـ كنيسة الروم الكاثوليك ورئيسها.
فاتني أن أذكر لكم أنني بعد وصولي إلى بغداد بيوم أو يومين ذهبت لزيارة الباشا (١) ، الذي كنت قد جلبت له كتابا من شيخ الإسلام في تبريز. وقد استقبلت بما يكفي من المجاملة ، لكنني يمكن أن أقول بالتأكيد إنه ليس هناك شيء يمكن تصوره ليكون أقل تعبيرا عن فخامة المقام وأبهته من مقام سموه ، ولا أقل اعتبارا من خلقه ومظهره.
فقد كان الدخول إلى مسكنه ، الذي يصعب أن يسمى قصرا ، على أقل ما يمكن أن يكون ، وكان القائمون على خدمته يتناسبون مع المكان الذي يعملون فيه تناسبا تاما ـ إذ كان هناك عدد من الألبانيين الرثين في مظهرهم ، وقليل من الأتراك المنصرفين إلى التدخين ، وجماعة من الموظفين سيئي الهيئة والهندام. ولم يكن الشخص الذي أدخلنا للمثول بين يديه على حال أحسن بكيثر منهم. فقد وجدنا هناك رجلا بدينا يناهز الخمسين من عمره ، عليه رداء من الفرو ، وفي رأسه طربوش ، يجلس في جناح خارجي مؤثث تأثيثا اعتياديا ، ومفتوح على الساحة بكليته. وكانت هناك على الأرض سجادة لا بأس بها ،
__________________
(١) إنه علي رضا باشا اللاز كما لا يخفى.