(١١)
قبائل العرب في ما بين النهرين ـ أخلاق الأعراب وأذواقهم ـ ضغائن الدم والأخذ بالثأر ـ قصتان من قصص الثأر عند العرب
٢٢ كانون الأول ١٨٣٤ م
وأخيرا ، فقد أكملنا استعداداتنا للرحلة التي نعتزم القيام بها إلى الجزيرة ، أو ما بين النهرين السفلى. ونظرا لأنك سوف تصاحبينا الآن خلال تجوالنا في أرض تقطنها عشائر عربية بالكلية ، فقد يسرك ان تكوني على مزيد من الاطلاع على طبيعة هؤلاء الناس وأخلاقهم قبل أن أقدمهم لك.
فأنت تعلمين على ما أعتقد أن بلاد ما بين النهرين ، أي البلاد الكائنة ما بين دجلة والفرات ، تشغلها الآن عشائر عربية على كونها لا تعتبر جزءا من جزيرة العرب. ولا شك أن خصب هذه البلاد هو الذي أغرى هذه العشائر بأن لا تكتسح القسم الأعظم منها فقط بل بالاستيلاء أيضا على معظم الأراضي المنخفضة التي تقع في الجانب الأيسر من دجلة وتمتد من سواحل الخليج حتى الموصل. وهكذا فإن القسم الشمالي من بلاد ما بين النهرين ، أو الجزيرة كما يسميها العرب ، الممتد من نهر الخابور إلى ما يقرب من بغداد تقطنه الآن عشيرة الجربا التي أتينا على ذكرها مرات عدة من قبل. وتنتشر عشيرة الدليم في الأماكن التي تجاور المدينة مباشرة. أما البلاد التي تمتد من هذه المنطقة إلى شط الحي ، الذي يخترق الجزيرة ويوصل ما بين النهرين العظيمين ، فتملكها عدة قبائل تختلف فيما بينها من حيث القوة والاعتبار ، وأبرزها وأكثرها انتشارا قبيلة زبيد. وعلى الشاكلة نفسها ، تشغل البلاد الممتدة من هذا الشط إلى القرنة ، حيث