مقدمة المترجم
«.. ولم يهتم بالبلاد الواقعة في القسم الشرقي من البحر الأبيض المتوسط سوى حكومات أوربة الجنوبية البحرية ، لأن هذه البلاد كانت مصدرا مباشرا أو طريقا لمصادر الحرير والتوابل والأبازير التي كانوا يحصلون عليها بمبادلة البضائع من سورية ومصر. ومن جراء هذه الحاجات كانت السفرات البحرية لدياز ودوغاما قد عجلت الاهتمام بالبلاد الهندية وما جاورها. فمخرت أساطيل البرتغال عباب البحار الهندية قبل انتهاء القرن الخامس عشر ، وشيدت في الخليج العربي قلعة هرمز العظيمة في (٩١٣ ه) ١٥٩٧ م. وكان تجار البندقية وجنوة يسلكون باستمرار الطريق البري الذي هو بمقام جسر أرضي يربط البحر الأبيض المتوسط بالسواحل الإيرانية. وكانوا في طريقهم هذه ينزلون في خانات بغداد أو «بابل» ويشاهدون النجف أو يتلبثون أيام مرورهم في الزبير.
وهكذا بقي ذكر العراق خاملا في العالم من قبل أن يعود به ، فيجعله قبلة الأنظار من جديد ، ظهور الصفويين الذين كانت شهرتهم آخذة بالنمو ، ومن قبل فتوحات سلطان الترك الشرقية ، وتوسع تجارة الأمم الغربية ومغامراتها».
هذا ما كتبه المستر لونگريك في (أربعة قرون من تاريخ العراق الحديث) ليأتي به على وصف علاقة العراق بالعالم الخارجي في تلك الأيام التي وقع فيها فريسة في أيدي الفاتحين من المغول والتركمان. وقد تطورت تلك العلاقة بعد ذلك فازداد اتصال البرتغاليين بالبصرة وخليجها بعد أن ثبتوا أقدامهم في هرمز. وكانت النهضة الحديثة في أوربة يومذاك قد دب فيها دبيب الحياة ، وراحت أساطيل الأمم الكبيرة تتجه في إبحارها نحو الهند والبلاد