(٣)
تحركنا من كفري ـ قره تبة ـ أخطاء الطريق ـ جبل حمرين ـ ادين كوي وجهانكير أغا ـ الأدلاء العرب ـ منازل العرب ـ قلق ـ آثار الازدهار القديم ـ هبهب ـ دراج البادية ـ سهل بغداد ـ خبر غير سار ـ بغداد في حالة حرب ـ التوقف في الباب ـ الوصول إلى المقيمية.
بغداد ـ ١٣ تشرين الثاني ١٨٣٤ م
ها قد وصلنا أخيرا يا عزيزتي ـ إلى مدينة بغداد العظيمة ، عاصمة الخلفاء ـ عاصمة هارون الرشيد وزبيدته الجميلة ـ ومقر جعفر البرمكي ، ومسرور رئيس الخصيان ، وجميع الرجال مثل أبي الحسن وعلي خوجة ، والسيدات والحمالين ، والمفتونين والمفتونات الذين تتحدث عنهم «ألف ليلة وليلة». فوا أسفاه ، كيف عفا عليها الزمن. لكننا لنتمهل قليلا ولا نتحدث عن الأشياء قبل أوانها.
فقد زودنا مضيفنا في كفري سليم أغا بدليل إلى المرحلة التالية ، لكنه أوصانا بإلحاح أن لا نبدأ برحلتنا قبل الصباح ، ولذلك لم نتحرك قبل بزوغ الفجر. والحقيقة أن هذه المرحلة كانت مرحلة خطرة ، لأن الطريق بالنظر لوقوعه على الحدود بين الأكراد والعرب تماما كان يتعرض للسلب والنهب من الفريقين معا ، ويصعب اكتشاف الفاعلين فيه. وقد كنت أنتظر أن يتصدى لنا في الطريق صديقانا القديمان سليم بك ورستم أغا ، لأنهما وقد خرجنا من منطقة نفوذهما ربما كان يروق لهما أن يقوما بفحص أدق لعفشنا وكراعنا. إذ كانت هناك عدة أماكن مناسبة للكمين ، وخاصة قاع النهر الملأى بالقصب وبعض الوهاد المنتشرة في سلسلة الجبال الواطئة التي كان يتحتم علينا