(٥)
أسباب الخراب في بغداد ـ ظهور الطاعون في المدينة ـ انتشاره ـ المقيم البريطاني يغادر بغداد ـ اعتذار المستر غروفز عن موافقته ـ تفاقم الوباء ـ دخول الماء من الأسوار وغرق المدينة ـ سقوط سبعة آلاف دار مرة واحدة ـ دفن خمسة عشر ألف ـ ذعر الباشا ـ إحاطة الماء بالقوافل ـ توقف الفيضان والطاعون ـ دخول الطاعون إلى بيت المستر غروفز ـ موت زوجته وطفله ـ حوادث الموت الكاسح وأسبابها ـ تأثير الطاعون في الأماكن الأخرى ـ بغداد بعد الطاعون والغرق ـ طاعونان آخران في سنتين أخريين ـ الوفيات في البصرة.
عزيزتي
كنت حينما اقتطفت مما كتبه بكنغهام (١) قد وصفت بغداد كما كانت عليه في أيام أسعد (٢) باشا. وقد أشرت أيضا إلى ازدياد النفوس وحلول عهد زاهر تحت حكم داود من بعده. ولو كنت أقف عند هذا الحد فقد يؤدي ذلك الانطباع بكم إلى الاعتقاد بأن بغداد قد بقيت على حالتها تلك. فوا أسفاه! كم تكونون مخطئين بذلك! ـ آه كيف يتجندل الأبطال! ـ فإن بغداد الآن خراب قفر ، نسيبا! وقد تم هذا التبدل بتعاقب الكوارث عليها تعاقبا مخفيا كان يمكن أن يحصل في أية مدينة من المدن الحديثة. فقد قضى الطاعون والغرق والمجاعة ، بأبشع أشكالها على السكان وقوّض أسوار هذه المدينة العظيمة
__________________
(١) يقصد ما جاء عن بغداد ووصفها في الفصل السابق.
(٢) الصحيح هو سعيد باشا ، وسعيد هذا هو ابن سليمان باشا الكبير من ولاة العراق المماليك المشهورين. وقد حكم بين أيار ١٨١٣ م وكانون الثاني ١٨١٨ م ، ثم أعقبه في الحكم داود باشا آخر الباشوات المماليك في العراق كما لا يخفى بعد أن قتله. وربما سمي أسعد على سبيل التحبب.