أصحابه وأنا فيهم فقال : لا خير فى الإمارة لرجل مؤمن. قال الصدائى فدخل قوله فى نفسى. قال : ثم أتاه (١) آخر فقال : يا رسول الله أعطنى ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : من سأل الناس عن ظهر غنى ، فهو صداع فى الرأس ، وداء فى البطن. فقال السائل فأعطنى من الصدقة ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : إن الله لم يرض فيه بحكم نبىّ ولا غيره حتى حكم هو فيها ، فجزّأها ثمانية أجزاء. فإن كنت من تلك الأجزاء أعطيتك أو أعطيناك حقّك. قال الصدائى : فدخل ذلك فى نفسى لأنّى سألته من الصدقات وأنا غنىّ. ثم إن رسول الله صلىاللهعليهوسلم اعتشى من أوّل الليل فلزمته وكنت قويّا ، وكان وأصحابه (٢) ينقطعون عنه (٣) ويستأخرون حتى لم يبق معه أحد غيرى ، فلما كان أوان صلاة الصبح أمرنى فأذّنت وجعلت أقول : أقيم يا رسول الله؟ فينظر إلى ناحية المشرق ويقول : لا ، حتى إذا طلع لفجر نزل فتبرّز ثم انصرف إلىّ وقد تلاحق أصحابه ، فقال : هل من ماء يا أخا صداء؟ فقلت : لا ، إلا شىء قليل لا يكفيك ، فقال اجعله فى إناء ثم ائتنى به ؛ ففعلت ، فوضع كفّه فى الإناء فرأيت بين كلّ إصبعين من أصابعه عينا تفور. فقال : لو لا أنى أستحى من ربّى يا أخا صداء لسقينا واستقينا ، ناد فى الناس من له حاجة بالماء ، فناديت فيهم فأخذ من أراد منهم ، ثم جاء بلال فأراد أن يقيم ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : إنّ أخا صداء أذّن ومن أذّن فهو يقيم. قال الصدائى : فأقمت ، فلما قضى رسول الله صلىاللهعليهوسلم صلاته أتيته بالكتابين ، فقلت : يا رسول الله ، أعفنى من هذين ، فقال : وما بدا لك؟ فقلت : إنى سمعتك تقول : لا خير فى الإمارة لرجل مؤمن ، وأنا أؤمن بالله ورسوله. وسمعتك تقول للسائل : من سأل عن ظهر غنى فهو صداع فى الرأس وداء فى البطن ، وقد سألتك وأنا غنىّ. فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم هو ذاك ، إن (٤) شئت فاقبل ، وإن شئت فدع (٥). فقال لى رسول الله صلىاللهعليهوسلم : فدلّنى على رجل أؤمّره عليهم (٦) ، فدللته على رجل من الوفد الذين قدموا عليه فأمّره علينا. ثم قلنا (٧) : يا رسول الله ، إنّ لنا بئرا إذا كان الشتاء وسعنا ماؤها ؛ فاجتمعنا عليها ، وإذا كان
__________________
(١) ج «أعطاه».
(٢) ج «أصحابه».
(٣) ج «عنى».
(٤) أ«فإن».
(٥) إن شئت فاقبل ، وإن شئت فدع : ب «إن شئت فاقبل وإن تدع».
(٦) ب «عليكم».
(٧) ب «قلت».