وقال الإمام علي بن موسى الرضا عليهالسلام : «سبحان من خلق الخلق بقدرته ، أتقن ما خلق بحكمته ، ووضع كلّ شيء منه موضعه بعلمه». (١)
إنّ كلّ ممكن ، معلول في تحقّقه لله سبحانه ، وليس للمعلولية معنى سوى تعلّق وجود المعلول بعلّته وقيامه بها قياماً كقيام المعنى الحرفي بالمعنى الاسمى ، فكما أنّ المعنى الحرفي بكلّ شئونه قائم بالمعنى الاسمى فهكذا المعلول قائم بعلّته المفيضة لوجوده ، وما هذا شأنه لا يكون خارجا عن وجود علّته ، إذ الخروج عن حيطته يلازم الاستقلال وهو لا يجتمع مع كونه ممكناً.
فلازم الوقوع في حيطته ، وعدم الخروج عنها ، كون الأشياء كلّها حاضرة لدى ذاته والحضور هو العلم ، لما عرفت من أنّ العلم عبارة عن حضور المعلوم لدى العالم.
ويترتّب على ذلك أنّ العالم كما هو فعله ، فكذلك علمه سبحانه ، وعلى سبيل التقريب لاحظ الصور الذهنية الّتي تخلقها النفس في وعاء الذهن ، فهي فعل النفس وفي نفس الوقت علمها ، ولا تحتاج النفس في العلم بتلك الصور إلى صور ثانية ، وكما أنّ النفس محيطة بتلك الصور وهي قائمة بفاعلها وخالقها ، فهكذا العالم دقيقه وجليله مخلوق لله سبحانه قائم به وهو
__________________
(١) بحار الأنوار : ٤ / ٨٥.