وعلى كلا التقديرين لا يصحّ أخذه في تعريف قدرته سبحانه ، لأنّ الله تعالى منزّه عن الماهية والمادّة.
والمراد من المشيّة في التعريف الثاني هو الاختيار الذاتي له سبحانه ، فهو تعالى يفعل باختياره الذاتي ويترك كذلك ، أي ليس فعله وتركه لازماً عليه ، لعدم وجود قدرة غالبة تضطرّه على الفعل أو الترك.
إذا كان الفعل متَّسماً بالإحكام والإتقان ، والجمال والبهاء يدلّ ذلك على علم الفاعل بتلك الجهات وقدرته على إيجاد مثل ذلك الصنع.
ولأجل ذلك نرى أنّه سبحانه عند ما يصف روائع أفعاله وبدائع صنعه في آيات الذكر الحكيم ، يختمها بذكر علمه تعالى وقدرته ، يقول سبحانه :
(اللهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَماواتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللهَ قَدْ أَحاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْماً) (١).
فالإحكام والإتقان في الفعل آيتا العلم وعلامتا القدرة ، وإنّا نرى في كلمات الإمام علي عليهالسلام أنّه يستند في البرهنة على قدرته تعالى بروعة فعله وجمال صنعه سبحانه. قال عليهالسلام : «وأرانا من ملكوت قدرته وعجائب ما نطقت به آثار حكمته». (٢)
__________________
(١) الطلاق : ١٢.
(٢) نهج البلاغة : الخطبة ٩١.