وهذا المعنى من الكلام ـ على فرض ثبوته ـ يكون من صفات ذاته تعالى وقديم بقدم الذات ، ولكنّه ليس امراً وراء العلم التصوّري أو التصديقي ، فلا يثبت كلاماً ذاتياً بالمعنى الحقيقي للكلام ، وأمّا تسمية العلم بالكلام على سبيل المجاز فهي خارج عن موضوع البحث.
٣. نظريّة الحكماء : ذهبت الحكماء إلى أنّ لكلامه سبحانه مفهوماً أوسع من الكلام اللفظي ، بل كلامه تعالى مساوق لفعله سبحانه فكلّ موجود كما هو فعله ومخلوقه ، كذلك كلام له تعالى ونسمّيه ب «الكلام الفعلي».
توضيح ذلك : أنّ الغرض المقصود من الكلام اللفظي ليس إلّا إبراز ما هو موجود في نفس المتكلّم ومستور عن المخاطب والسامع ، فالكلام ليس إلّا لفظاً دالّا على المعنى الّذي تصوّره المتكلّم وأراد إيجاده في ذهن السامع ، فحقيقة الكلام هي الدلالة والحكاية ، ولا شكّ أنّ الفعل يدلّ على وجود فاعله وعلى خصوصياته الوجودية ، وليس الفرق بين دلالة اللفظ على المعنى ودلالة الفعل على الفاعل ، إلّا أنّ دلالة الأوّل وضعي اعتباريّ ، ودلالة الثاني تكويني عقلي ، والدلالة التكوينيّة العقليّة أقوى من الدلالة اللفظية الوضعيّة.
وعلى هذا ، فكلّ فعل من المتكلّم أفاد نفس الأثر الّذي يفيده الكلام ، من إبراز ما يكتنفه الفاعل في سريرته من المعاني والحقائق ، يصحّ تسميته كلاماً من باب التوسّع والتطوير.
ونظرية الحكماء في تفسير كلامه تعالى مطابق لإطلاقات الكلام