وبما أنّ التشبيه والتجسيم باطل بالعقل والنقل فلا ريب في بطلان هذه النظريّة.
إنّ الشيخ الأشعري ومن تبعه يجرون هذه الصفات على الله سبحانه بالمعنى المتبادر منها في العرف ، لكن لأجل الفرار عن التشبيه يقولون : «بلا تشبيه ولا تكييف». يقول الأشعري :
إنّ لله سبحانه وجهاً بلا كيف ، كما قال : (وَيَبْقى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالْإِكْرامِ)(١).
وإنّ له يدين بلا كيف ، كما قال : (خَلَقْتُ بِيَدَيَّ) (٢). (٣)
وقد نقلت هذه النظريّة عن أبي حنيفة والشافعي وابن كثير. (٤) وحاصل هذه النظريّة أنّ له سبحانه هذه الحقائق لكن لا كالموجودة في البشر ، فله يد وعين ، لا كأيدينا وأعيننا وبذلك توفقوا ـ على حسب زعمهم ـ في الجمع بين ظواهر النصوص ومقتضى التنزيه.
أقول : القول بأنّ لله يداً لا كأيدينا ، أو وجهاً لا كوجوهنا ، وهكذا سائر الصفات الخبرية أشبه بالألغاز ، فاستعمالها في المعاني الحقيقية وإثبات معانيها على الله سبحانه بلا كيفيّة أشبه بكون حيوان أسداً حقيقة ولكن بلا
__________________
(١) الرحمن : ٢٧.
(٢) ص : ٧٥.
(٣) الإبانة : ٧٥.
(٤) لاحظ : «علاقة الإثبات والتفويض» : ٤٦ ـ ٤٩.