أقول :
إنّ لأهل التفويض عذراً واضحاً في هذا المجال ، فإنّهم يتصوّرون أنّ الآيات المشتملة على الصفات الخبريّة من الآيات المتشابهة ، وقد نهى سبحانه عن ابتغاء تأويلها وأمر عباده بالإيمان بها. (١)
نعم يلاحظ على مقالتهم هذه أنّ الآيات ليست من الآيات المتشابهة ، فإنّ المفاد فيها غير متشابهة (٢) إذا أمعن فيها الإنسان المتجرّد عن كلّ رأي سابق.
إنّ العدليّة من المتكلّمين هم المشهورون بهذه النظريّة حيث يفسّرون اليد بالنعمة والقدرة ، والاستواء بالاستيلاء وإظهار القدرة وتبعهم في ذلك جماعة من الأشاعرة وغيرهم.
أقول : إنّ الظاهر على قسمين : الظاهر الحرفي والظاهر الجملي ، فإنّ اليد مثلاً مفردة ظاهرة في العضو الخاص ، وليست كذلك فيما إذا حفّت بها القرائن ، فإنّ قول القائل في مدح انسان انّه «باسط اليد» ، أو في ذمّه «قابض
__________________
(١) لاحظ آل عمران : ٧.
(٢) يعني انّ هذه الآيات وإن كانت متشابهة في بادئ الرأي وقبل إرجاعها إلى المحكمات ، لكنّها تصير محكمة بعد إرجاعها إليها.
(٣) قد استوفي شيخنا الاستاذ ـ دام ظلّه ـ الكلام في أقسام التأويل في مقدمة الجزء الخامس من موسوعته القرآنية «مفاهيم القرآن» : ١٢ ـ ١٦.