وهناك دليل عقلى استدلّ به مشايخ الأشاعرة في العصور المتأخرة ، وحاصله أنّ ملاك الرؤية والمصحّح لها أمر مشترك بين الواجب والممكن وهو الوجود ، قالوا :
إنّ الرؤية مشتركة بين الجوهر والعرض ، ولا بدّ للرؤية المشتركة من علّة واحدة ، وهي إمّا الوجود أو الحدوث ، والحدوث لا يصلح للعلّيّة لأنّه أمر عدمي ، فتعيّن الوجود ، فينتج أنّ صحّة الرؤية مشتركة بين الواجب والممكن (١).
وهذا الدليل ضعيف جدّاً ومن هنا لم يتمّ عند المفكّرين من الأشاعرة أيضاً ، إذ لقائل أن يقول : إنّ الجهة المشتركة للرؤية في الجوهر والعرض ليست هي الوجود بما هو وجود ، بل الوجود المقيّد بعدّة قيود ، وهي كونه ممكناً ، مادّيّاً ، يقع في إطار شرائط خاصّة يستحيل في حقّه تعالى ، ولو كان الوجود هو الملاك التام لصحّة الرؤية للزم صحّة رؤية الأفكار والعقائد ، والروحيات والنفسانيات كالقدرة والإرادة وغير ذلك من الأُمور الروحية الوجودية الّتي لا تقع في محل الرؤية.
استدلّ القائلون بالجواز بآيات من الكتاب العزيز :
__________________
(١) شرح المواقف : ٨ / ١١٥ ؛ شرح التجريد للقوشجي : ٣٢٩ ـ ٣٣٠ ؛ تلخيص المحصل : ٣١٧ ؛ كشف المراد : ٢٣١ ؛ قواعد المرام : ٧٨.