ربّه أخذتهم الرجفة ، ولم تأخذهم إلّا بما فعلوه من السفاهة ، والظاهر أنّ المراد منها هو سؤال الرؤية المذكور في الآيتين المتقدّمتين ، والمقصود من الرجفة ، هي رجفة الصاعقة ، كما عبّر عن هلاكة قوم صالح تارة بالرّجفة (١) وأُخرى بالصّاعقة. (٢)
وبما أنّه لم يكن لموسى مع قومه إلّا ميقات واحد ، كان الميقات في الآية الثالثة نفس الميقات الوارد في الآية الرابعة ، ففي هذا الميقات وقع السؤالان ، غير إنّ سؤال الرؤية عن جانب القوم كان قبل سؤال موسى الرؤية لنفسه ، والقوم سألوا الرؤية حقيقة وموسى سألها تبكيتاً لقومه وإسكاتاً لهم ، يدلّ على ذلك أنّه لم يوجّه إلى الكليم من جانبه سبحانه أيّ لوم وعتاب أو مؤاخذة وعذاب بل اكتفى تعالى بقوله :
(لَنْ تَرانِي).
٣. قوله تعالى ـ فيما أجاب موسى عند سؤال الرؤية لنفسه ـ :
(وَلكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكانَهُ فَسَوْفَ تَرانِي). (٣)
وجه الاستدلال : «انّه تعالى علّق الرؤية على استقرار الجبل وهو ممكن والمعلّق على الممكن ممكن ، فالرؤية ممكنة». (٤)
يلاحظ عليه : أنّ المعلَّق عليه ليس هو إمكان الاستقرار ، بل وجوده
__________________
(١) لاحظ : الأعراف : ٧٨.
(٢) لاحظ : حم السجدة : ١٧.
(٣) الأعراف : ١٤٣.
(٤) تلخيص المحصل : ٣١٩ ؛ شرح التجريد للقوشجي : ٣٢٩.