الفصل الثاني :
التحسين والتقبيح العقليان
قد تقدّم أنّ العدل الحكيم هو الّذي لا يفعل القبيح ولا يُخلُّ بالحسن ، والتصديق بثبوت هذه الصفة للباري تعالى مبنيٌّ على القول بالتحسين والتقبيح العقليين ، فإنّ مفاد تلك المسألة : أنّ هناك أفعالاً يدرك العقل كونها حسنة أو قبيحة ، ويدرك أنّ الغنيّ بالذّات منزّه عن الاتصاف بالقبيح وفعل ما لا ينبغي ، ومن هنا يلزمنا البحث عن تلك المسألة على ضوء العقل والكتاب العزيز فنقول :
ذهبت العدلية إلى أنّ هناك أفعالاً يدرك العقل من صميم ذاته ومن دون استعانة من الشرع أنّها حسنة وأفعالاً أخرى يدرك أنّها قبيحة كذلك ؛ وقالت الأشاعرة : لا حكم للعقل في حسن الأشياء وقبحها ، فلا حسن إلّا ما حسّنه الشارع ولا قبيح إلّا ما قبّحه ؛ والنزاع بين الفريقين دائر بين الإيجاب الجزئي والسلب الكلّي ، فالعدلية يقولون بالأوّل والأشاعرة بالثاني.