الدليل الاوّل : وهو ما أشار إليه المحقّق الطوسي بقوله : «ولانتفائهما مطلقاً لو ثبتا شرعاً». (١)
توضيحه : أنّ الحسن والقبح لو كانا بحكم العقل ، بحيث كان العقل مستقلاً في إدراك حسن الصدق وقبح الكذب فلا اشكال في أنّ ما أخبر الشارع عن حسنه حسن ، وما أخبر عن قبحه قبيح ، لحكم العقل بأنّ الكذب قبيح والشارع منزّه عن ارتكاب القبيح.
وأمّا لو لم يستقلّ العقل بذلك ، فلو أخبر الشارع بحسن فعل أو قبحه فلا يمكن لنا الجزم بكونه صادقاً في كلامه حتى نعتقد بمضمون أخباره ونستكشف منه حسن الفعل أو قبحه ، وذلك لاحتمال عدم صدق الشارع في أخباره ، فإنّ الكذب حسب الفرض لم يثبت قبحه بعدُ وإثبات قبح الكذب بإخبار الشارع عن قبحه مستلزم للدور.
الدليل الثاني : وهو ما ذكره العلّامة الحلّي بقوله :
لو كان الحسن والقبح باعتبار السمع لا غير لما قبح من الله تعالى شيء (٢) ولو كان كذلك لما قبح منه تعالى إظهار المعجزات على يد الكاذبين ، وتجويز ذلك يسدّ باب معرفة النبوّة ، فإنّ أيّ نبيّ أظهر المعجزة عقيب إدّعاء النبوّة لا يمكن تصديقه مع تجويز إظهار المعجزة على يد الكاذب في دعوى النبوّة (٣).
__________________
(١) كشف المراد : ٤١٨.
(٢) لما تقدّم في الدليل الأوّل من عدم إثبات حسن فعل أو قبحه مطلقاً.
(٣) نهج الحق وكشف الصدق : ٨٤.