الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ.) (١)
٢. (قُلْ إِنَّما حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَواحِشَ.) (٢)
٣. (يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ). (٣)
فهذه الآيات تعرب بوضوح عن أنّ هناك أُموراً توصف بالعدل والإحسان والمعروف والفحشاء والمنكر والبغي قبل تعلّق الأمر والنهى بها ، وأنّ الإنسان يجد اتّصاف بعض الأفعال بأحدها ناشئاً من صميم ذاته وليس عرفان الإنسان بها موقوفاً على تعلّق الشرع ، وإنّما دور الشرع هو تأكيد إدراك العقل بالأمر بالحسن والنهي عن القبيح وبيان ما لا يستقلّ العقل في إدراك حسنه وقبحه ، وتدلّ على ما تقدّم بأوضح دلالة الآية التالية :
٤. (وَإِذا فَعَلُوا فاحِشَةً قالُوا وَجَدْنا عَلَيْها آباءَنا وَاللهُ أَمَرَنا بِها قُلْ إِنَّ اللهَ لا يَأْمُرُ بِالْفَحْشاءِ). (٤)
فإنّ الظاهر من الآية أنّ المشركين كانوا عارفين بقبح أفعالهم وأنّها من الفحشاء ولكنّهم حاولوا توجيه تلك الأفعال الشنيعة إمّا بكونها إبقاءً لسيرة آبائهم وهم كانوا يحسِّنون ذلك ، وإمّا بكونها ممّا أمر بها الله سبحانه ولكنّ الله تعالى يخطّئهم في ذلك ويقول إنّ الله لا يأمر بالفحشاء كما يخطّئهم في اتّباعهم سيرة آبائهم بقوله :
__________________
(١) النحل : ٩٠.
(٢) الأعراف : ٣٣.
(٣) الأعراف : ١٥٧.
(٤) الأعراف : ٢٨.