إنّ التمتع بالمواهب المادّية والاستغراق في اللذائذ والشهوات يوجب غفلة كبرى عن القيم الأخلاقية وكلّما ازداد الإنسان توغّلاً في اللذائذ والنعم ، ازداد ابتعاداً عن الجوانب المعنوية. وهذه حقيقة يلمسها كلّ إنسان في حياته وحياة غيره ، ويقف عليها في صفحات التاريخ ، ونحن نجد في الكتاب العزيز التصريح بصلة الطغيان بإحساس الغني ، إذ يقولعزوجل: (إِنَّ الْإِنْسانَ لَيَطْغى * أَنْ رَآهُ اسْتَغْنى). (١)
فإذاً لا بدّ لانتباه الإنسان من هذه الغفلة من هزّة وجرس إنذار يذكّره ويرجعه إلى الطريق الوسطى ، وليس هناك ما هو أنفع في هذا المجال من بعض الحوادث الّتي تقطع نظام الحياة الناعمة بشيء من المزعجات حتّى يدرك عجزه ويتنبّه من نوم الغفلة. ولأجل هذا يعلّل القرآن الكريم بعض النوازل والمصائب بأنّها تنزل لأجل الذكرى والرجوع إلى الله ، يقول سبحانه :
(وَما أَرْسَلْنا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا أَخَذْنا أَهْلَها بِالْبَأْساءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَضَّرَّعُونَ).(٢)
ويقول أيضاً :
__________________
(١) العلق : ٦ ـ ٧.
(٢) الأعراف : ٩٤.