إنّه لو جاز الإخلال به في الحكمة فبتقدير أن لا يفعله الحكيم ، كان مناقضاً لغرضه ، لكن اللازم باطل فالملزوم مثله.
بيان الملازمة : إنّه تعالى أراد من المكلّف الطاعة ، فإذا علم أنه لا يختار الطاعة ، أو لا يكون أقرب إليها إلّا عند فعل يفعله به لا مشقّة عليه فيه ولا غضاضة ، وجب في الحكمة أن يفعله ، إذ لو أخلّ به لكشف ذلك عن عدم إرادته له ، وجرى ذلك مجرى من أراد من غيره حضور طعامه وعلم أو غلب ظنّه أنّه لا يحضر بدون رسول ، فمتى لم يرسل عدَّ مناقضاً لغرضه.
وبيان بطلان اللازم : إنّ العقلاء يعدّون المناقضة للغرض سفهاً ، وهو ضدّ الحكمة ونقص ، والنقص عليه تعالى محال. (١)
إنّ القائلين بوجوب اللطف ذكروا له شرطين :
الأوّل : أن لا يكون له حظّ في التمكين وحصول القدرة ، إذ العاجز غير مكلّف فلا يتصوّر اللطف في مورده.
الثاني : أن لا يبلغ حدّ الإلجاء ولا يسلب عن المكلّف الاختيار ، لئلّا ينافي الحكمة في جعل التكليف من ابتلاء العباد وامتحانهم.
وباعتبار الشرط الأخير يتبيّن وهن ما استشكل على وجوب اللطف بأنّه لو وجب اللطف على الله تعالى لكان لا يوجد في العالم عاص ، لأنّه ما
__________________
(١) قواعد المرام : ١١٧ ـ ١١٨.